يمكن تعريف التلقيح بأنه عبارة عن انتقال حبة اللقاح من متك إلى ميسم الزهرة, ومن ثم فإن هناك نوعين من التلقيح متعارف عليهما و هما:
التلقيح
الذاتي: عرف شوداري ( Chaudhari , 1978 ) التلقيح الذاتي في أضيق حدوده
على انه مجرد انتقال حبة اللقاح من متك الزهرة إلى ميسم نفس الزهرة. في حين
عرف كل من كيستر و هارتيمان(Kester و Hartmann (1983, التلقيح الذاتي - في
مدى أوسع - بأنه عبارة عن انتقال حبة اللقاح من متك الزهرة إلى ميسم نفس
الزهرة أو إلى ميسم زهرة أخرى على نفس النبات أو إلى ميسم زهرة نبات آخر
يتبع نفس السلالة.
التلقيح الخلطي: عبارة عن انتقال حبة اللقاح من متك زهرة إلى ميسم زهرة نبا يتبع سلالة أخرى.
غير
أن هناك بعض الأنواع النباتية التي يحدث بها التلقيح الذاتي كما تحدث بها
نسبة من التلقيح الخلطي أيضاً, و نسبة حدوث أي من نوعي التلقيح تختلف
باختلاف نوع النبات و العوامل البيئية المحيطة. و تبعاً لما سبق فإنه يمكن
تقسيم النباتات وفقاً لنوع التلقيح إلى:
1 - النباتات الذاتية التلقيح Self pollinated plants
مثل هذه النباتات تتصف بعدة خصائص يمكن إيجازها فيما يلي:
أ
- يمكن إكثار هذه النباتات باستخدام البذور (تكاثر جنسي) مع فرصة احتمال
وجود اختلافات بسيطة جداً, وعادة ما تظهر هذه الاختلافات في حالة زراعة
الصنف مختلطاً مع أصناف قريبة منه وراثياً.
ب - نسبة حدوث التلقيح الخلطي في هذه الأصناف عادة ما تكون أقل من 4 ٪.
ج
- يمكن الحفاظ بسهولة على هذه النباتات جيلاً بعد آخر دون حدوث تغير يذكر
في تراكيبها الوراثية وذلك عن طريق إكثارها بالبذرة, وذلك نظراً لأن تركيب
هذه النباتات متماثل وراثياً Homozygous لحد كبير.
د - في الأصناف
الذاتية التلقيح, غالباً ما ينتج عنها نسلاً متماثلاً من الناحية الوراثية و
يشبه في صفاته صفات النبات الأم لحد كبير.
العوامل التي تشجع التلقيح الذاتي:
يذكر Chaudhari أن هناك عدد من العوامل التي تشجع حدوث التلقيح الذاتي مثل:
أ - تواجد الأعضاء الجنسية المذكرة و المؤنثة بنفس الزهرة - وبدون هذا العامل يصبح التلقيح الذاتي أمراُ مستحيلاً.
ب
- توافق مواعيد نضج الأعضاء الجنسية بالزهرة Homogamy, إذ لابد من نضج
المتك و انتثار حبوب اللقاح في نفس الوقت الذي يكون فيه الميسم مستعداً
لاستقبالها.
ج - وجود ظاهرة Cleistogamy وهي عدم انفتاح الزهرة, ومن ثم يصبح التلقيح الذاتي أمراً حتمياً.
تقدير معدل التلقيح الذاتي Estimating the selfing rate
يذكر(
Charlesworth و (1987, Charlesworth أنه لا بد من تقدير تكرار حدوث
التلقيح الذاتي عن طريق مقارنة قيم البذور الناتجة عن التلقيح الطبيعي
للأزهار بتلك الناتجة عن طريق التلقيح الذاتي اليدوي وتلك الناتجة من
التلقيح الخلطي اليدوي, مستخدمين الرموز التالية: Px تشير للقيمة الناتجة
من التلقيح الخلطي و Ps و التي تشير للقيمة الناتجة عن التلقيح الذاتي و Po
لتلك الناتجة عن التلقيح المفتوح, ومن ثم يمكن تقدير معدل التلقيح الذاتي S
طبقاً للمعادلة التالية:
هذه الطريقة تجعل من الممكن تقدير معدل
حدوث التلقيح الذاتي تحت ظروف التلقيح الطبيعية و خاصة في حالة النورات
الكبيرة التي ربما يحدث بها تلقيح خلطي و تلقيح ذاتي في حالة عدم وجود نظام
عدم التوافق الجنسي الذاتي.كما يمكن تقدير معدل التلقيح الذاتي S بالقيمة
التالية: 1-t حيث أن t عبارة عن معدل التلقيح الخارجي.
2 - النباتات الخلطية التلقيح Cross pollinated plants
يحدث
التلقيح الخلطي في أزهار الكثير من الأنواع النباتية, وقد يحدث التلقيح
الذاتي أيضاً في مثل هذه النباتات, غير أن هناك بعض الأنواع النباتية بها
من الصفات ما يحول دون حدوث التلقيح الذاتي لأزهارها, أو بمعنى آخر هناك
بعض الخصائص التي تشجع حدوث التلقيح الخلطي مثل:
1 - الإنعزال الوظيفي للأعضاء المذكرة و المؤنثة Separation of male and female functions
الإنفصال
الوظيفي للأعضاء المذكرة و المؤنثة يُعد ضمانة قوية للحيلولة دون حدوث
التلقيح الذاتي, و يأخذ الإنفصال الوظيفي عدة صور مثل:
Herkogamy مجرد انفصال أو ابتعاد الجنسين عن بعضهما كما هي الحال في:
النباتات
الأحادية المسكن Monoecious plantsوفيها ينفصل الجنسين عن بعضهما كل في
زهرة مستقلة, مع وجود جنسي الأزهار على ذات النبات وهذه الحالة شائعة
الوجود في الجوز و البيكان و العديد من النباتات الأخرى.
النباتات
الثنائية المسكن plants Dioecious وفيها ينفصل الجنسان كل في زهرة مستقلة ,
وتحمل الأزهار المذكرة على نبات بينما تحمل الأزهار المؤنثة على نبات آخر
مستقل, وتوجد هذه الظاهرة في الباباظ و نخيل البلح و الفستق و غيرها.
تفاوت أطوال الأعضاء الجنسية بالزهرة Heterostyle قد يكون القلم أطول من
الأسدية أو قد يحدث العكس, وتبعاً لذلك فإن وجود هذه الظاهرة يقلل من
احتمال حدوث التلقيح الذاتي و يشجع على حدوث التلقيح الخلطي.
Dichogamyعبارة
عن الانفصال المؤقت لوظائف حبوب اللقاح و الميسم بنفس الزهرة, وهذه مايطلق
عليها ظاهرة تفاوت مواعيد نضج الجنسية بالزهرة , فعلى الرغم من احتواء
الزهرة على كلا الجنسين, إلا أن التلقيح الذاتي لا يحدث نتيجة اختلاف
مواعيد نضج الأعضاء الجنسية بالزهرة, وتضم هذه الظاهرة حالتين هما:
Protogyny في هذه الحالة ينضج عضو التأنيث و يصبح الميسم مستعداً لتلقي اللقاح قبل نضج المتك و إنتثار حبوب اللقاح منها.
Protandryعلى عكس الحالة السابقة, حيث ينضج المتك و ينتثر اللقاح قبل نضج الميسم واستعداده لتلقي اللقاح.
هذه الظاهرة شائعة الوجود في بعض محاصيل الفاكهة مثل القشطة و المانجو و الأفوكادو.
2- العقم الذاتي Self - sterility
هناك
بعض الأصناف و الأنواع النباتية تنتج حبوب لقاح عقيمة أو ميتة ليس لديها
القدرة على القيام بوظيفتها, لذا فإن التلقيح الذاتي يكون مستحيلاً في هذه
الحالة. توجد هذه الظاهرة في الكثير من الفواكه مثل بعض أصناف الخوخ و
التفاح و الكمثرى و البرقوق وغيرها. وللحصول على محصول من مثل هذه الفواكه
لابد من زراعة أصناف ملقحة مختلطة بتلك الأصناف في نفس البستان.
وسائل إتمام التلقيح الخلطي:
التلقيح
بواسطة الرياح: يحدث في الكثير من الأنواع النباتية مثل الزيتون و الجوز,
تلعب الرياح دوراً أساسياً في إتمام عملية التلقيح الخلطي. وتتميز حبوب
اللقاح لهذه الأنواع بأنها خفيفة الوزن بصفة عامة فضلاً عن جفافها مما يسهل
معه نقلها بواسطة الرياح و لمسافات طويلة.
التلقيح بواسطة الحشرات: يتم
التلقيح بواسطة الحشرات خاصة في تلك الأنواع النباتية التي تحمل أزهاراً
جذابة اللون أو عطرية الرائحة. ومن أهم الحشرات التي تقوم بعملية التلقيح
هي نحل العسل. وتتميز حبوب لقاح هذه الأنواع بأنها ثقيلة الوزن و ملتصقة
يبعضها على هيئة كتل يسهل التصاقها بأجسام الحشرات التي تقوم بنقلها من
زهرة لأخرى.
صورة مكبرة لنحلة العسل وهي محملة بكتل حبوب اللقاح.
وسائل أخرى: هناك بعض الكائنات الحية الأخرى كالطيور و القواقع التي تساعد على إتمام عملية التلقيح الخلطي و إن كان دورها محدوداً. كذلك يلعب الماء دوراً هاماً كوسيلة لإحداث التلقيح الخلطي بين الأنواع النباتية.
صورة لطائر الطنان و هو يقوم بامتصاص الرحيق و تلقيح أزهار بعض النباتات.
التلقيح اليدوي الصناعي: يتدخل الإنسان في بعض الأحيان لإجراء عملية التلقيح الخلطي صناعياً أو يدوياً كما في حالة تلقيح الأزهار المؤنثة لنخيل البلح وكذلك أزهار القشطة و أيضاً عند إجراء التهجين بين بعض الأنواع النباتية من خلال برامج التربية و التحسين.
النورات المؤنثة بنخلة التمر عقب إجراء التلقيح الصناعي اليدوي.
الإخصاب Fertilization
عقب سقوط حبة
اللقاح على سطح الميسم, تبدأ بالإنبات وتخرج الأنبوبة اللقاحية من خلال أحد
ثقوب الإنبات, ومن المعتقد أن الإنزيمات التي تفرزها الطبقة الداخلية
لجدار حبة اللقاح تقوم بمساعدة أنبوبة اللقاح على اختراق نسيج الميسم,
وتنمو الأنبوبة مخترقة نسيج القلم و عندما تصل للبويضة تتم عملية الإخصاب
المزدوج Double fertilization, حيث تتحد نواة مذكرة بنواة البيضة لتكون
خلية الزيجوت (2 ن) وفي نفس الوقت تتحد النواة المذكرة الأخرى بالنواتين
القطبيتين لتكوين الإندوسبيرم (3 ن), ويطلق على الخطوة الأخيرة الاندماج
الثلاثي Triple fusion. عقب حدوث الإخصاب المزدوج, تبدأ خلية الزيجوت
بالانقسام إلى عدد كبير من الخلايا كي تشكل الجنين الصغير, وفي نفس الوقت
تنقسم الخلية الأولى للإندوسبيرم إلى عدد كبير من الخلايا قد تفصلها جدر
خلوية أو قد لا تتكون جدر خلوية , مكونة النسيج المغذي الذي يحيط بالجنين -
يعقب ذلك تكوين أغلفة البذرة التي تتصل بجدار المبيض في منطقة المشيمة عن
طريق الحبل السري.
آليات التلقيح:
يعرف التلقيح على أنه عبارة عن
انتقال الجاميطات المذكرة التي يحويها النبات إلى الجاميطات المؤنثة لنفس
النوع, والذي يؤدي إلى التكاثر الجنسي إذا تم الإخصاب (اندماج الجاميطات
المذكرة و المؤنثة). و يضمن التكاثر الجنسي خلط الجينات و الذي لا يحدث في
حالة الإكثار الخضري, مثل البرعمة, التركيب و التفصيص و غيرها. و تعمل
العوامل غير الإحيائية مثل الرياح و الماء في المساعدة على إتمام عملية
التلقيح, غير أن الحشرات و الكائنات الأخرى ( التلقيح الحيوي) توفر
الغالبية العظمى من تلقيح النباتات. و قد قدم كلٍ من واسير و اوليرتون (
Waser و Ollerton , 2006) وصفاً تاريخياً عن دور الحيوانات في عملية
التلقيح. أما بخصوص مدى استعداد عضو التأنيث لتلقي اللقاح ( قد يكون العضو
المؤنث مستعد لتلقي اللقاح لفترة زمنية محدودة), حدود حيوية اللقاح أو
الحاجة إلى التلقيح الخلطي, التلقيح في هذه الأحوال لا يؤدي عادة لحدوث
الإخصاب.
و قد يكون النبات خصباً ذاتياً self-fertile أو عقيم (غير
خصب) ذاتياً self - infertile, في الحالة الأولى يستطيع النبات عقد الثمار و
تكوين البذور من حبوب لقاحه الخاصة (تلقيح ذاتي), أما في الحالة الثانية,
يحتاج النبات إلى تلقيح خلطي بلقاح نباتات أخرى تتبع ذات النوع لإتمام
عملية الإخصاب بنجاح, كما يذكر فري (Free, 1993), و مع ذلك فهناك الكثير من
النباتات الخصبة ذاتياً تطور آليات لتشجيع التلقيح الخلطي مماثلة للنباتات
العقيمة ذاتياً, و التي ربما تنتج ثماراً أكثر جودة في حالة التلقيح
الخلطي. و تختلف احتياجات التلقيح داخل نفس النوع, حيث تعتمد بعض الأصناف
على التلقيح الخلطي أكثر من غيرها, فمعظم أصناف التفاح , البلوبري
blueberry, الكريز, الكيوي, الكاكي تحتاج للتلقيح الخلطي للحصول على أقصى
عقد للثمار, كما يشير ماك كوني (McConkey, 2006).
خصائص الأزهار و جذب الملقحات:
يستند
معظم التلقيح بواسطة الحيوانات على العلاقات المتبادلة بين النباتات و
الحيوانات, حيث تقدم النباتات مواد غذائية و مصادر أخرى (رحيق الأزهار) في
حين تقوم الملقحات بنقل اللقاح داخل النبات الواحد أو من نبات لآخر أثناء
استفادتها من مصادر ذلك النبات. تشمل فوائد الزهرة في اللقاح (مصدر
البروتين), الرحيق (مصدر السكر), الزيت أو الدهن ( توفير العش و التزاوج),
الراتنج (بناء العش و منع تسرب المياه له, كما أن له خصائص مضادة للبكتريا و
الفطريات) , الشمع و أجزاء النبات (بناء العش), المركبات التي تحمل
الروائح و المواد الجاذبة الأخرى التي تستخدمها بعض الأنواع في جذب زملائها
أو نقلها أثناء التزاوج, جوهانسون (Johnson, 2010). و يذكر جوهانسون (
Johnson, 2008) أن بعض الجاذبات مثل لون و رائحة الزهرة قد لا تشكل عائد
مفيد للملقحات (عوامل التلقيح).
و عندما تستمر الحشرات في زيارة طراز
معين من الإزهار, وجد أن العائد (المكافئة) التي تقدمها الزهرة تعد عموماً
أكبر من حيث الطاقة المكتسبة من الطاقة المفقودة أثناء ترحال الحشرة و
جمعها و نقلها للقاح, كما أنها لا تثنيها عن الحركة بين المزيد من الأزهار,
كما يذكر ويتني و جلوفر (Whitney و Glover, 2007), و جودة الرحيق الموجود
بالزهرة تؤثر على زيارة مختلف النحل بسبب احتياجات الطاقة و المنافسة. فإذا
كان محتوى الرحيق من السكر مرتفع جداً, فربما يقوم الملقح (النحل أو أي
عامل آخر) بزيارة عدد محدود من الأزهار, فعلى سبيل المثال, وجد أن النباتات
التي تعتمد في تلقيحها على الخفافيش تنتج كميات عالية من الرحيق الذي يوفي
باحتياجات النحل, غير أنه يعمل في ذات الوقت تقضي على حاجة النحل لزيارة
نبات آخر, مارتن رودريجز و آخرون (Marten-Rodriguez et al., 2009).
و
اعتمادا على توافر الموارد في المنطقة و النبات على مدار اليوم, يمكن تقسيم
عملية الزيارة إلى مراحل, فالنحل الأكبر قد يزور الأزهار ذات العائد
المجزي قبل النحل الأصغر, إذا كانت قادرة على الطيران و التحليق مبكراً (في
درجات الحرارة الأكثر برودة). و يذكر هنريتش (Heinrich, 1979), أن النحل
ذا اللسان الطويل قد يستخدم طاقة أقل في جمع الرحيق و من ثم يستفيد من
المصادر الزهرية عن النحل ذا اللسان القصير الذي يستفيد فقط من المصادر
الأفضل التي لم تعد متاحة.
أهمية الملقحات في إنتاج المحاصيل وخدمات النظم الإيكولوجية
يعتمد
حوالي 35 في المائة من الإنتاج العالمي للمحاصيل على التلقيح القائم على
الحيوانات, و في ثمانينيات القرن الماضي و عندما انخفض تواجد نحل العسل
نتيجة لبعض الظروف, أضحت العث و الفراشات تحتل البديل, و قد قدرت وزارة
الزراعة الأمريكية أن نحل العسل كان الملقح الأولي لنحو 15 ٪ من محاصيل
العالم.
و كما نعرف أن النحل أحد الملقحات الأكثر أهمية من الناحية
الاقتصادية في جميع أنحاء العالم, كما يقوم النحل بتلقيح الغالبية العظمى
من النباتات التي تعتمد على الملقحات الحيوانية الأخرى في النظام الغذائي.
و
يذكر كيفان و فينا ( Kevan and Viana ,2003) أن ارتفاع الطلب الزراعي على
النحل نتيجة لزيادة مساحات المحاصيل و التراجع الذي يحدث لمستعمرات نحل
العسل و الانخفاض الموازي لعشائر النحل البري و المجتمعات النباتية
المرتبطة بها, كل ذلك أدى بالضرورة لحدوث قلق يتعلق بشأن احتمال حدوث أزمة
عالمية تتعلق بعملية التلقيح.
و على مدى السنوات الخمسين الماضية, زاد
الطلب على نحل العسل المستأنس بنسبة 45 ٪, في حين زراعة المحاصيل المعتمدة
على الملقحات توسعت بنحو 300 ٪, و في عام 2005 و نتيجة التوسع في زراعة
اللوز و التي واكبها تناقص عشائر عسل النحل بسبب الأمراض, سمحت الحكومة
الأمريكية باستيراد نحل العسل من خارج أمريكا الشمالية للمرة الأولى منذ
عام 1922. في عام 1922 حظر قانون نحل العسل هذا الاستيراد بهدف منع الجلب
غير المقصود لآفات و أمراض نحل العسل غير المقصودة, كما يذكر كيرني (
Kearney, 2006).
و في عام 2007, أفاد المجلس الوطني للبحوث التابع
للأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية بالحاجة إلى المزيد
من البيانات الأساسية عن الملقحات الأساسية, خاصة بالولايات المتحدة. كما
أصاب العلماء قلق بشأن فقد النظام البيئي المناسب لعشائر النحل البري
الضروري المحاصيل و داخل المجتمعات النباتية و الحيوانية البرية. هذا و قد
أظهرت الأبحاث الحديثة أيضاً الأهمية الاقتصادية للنحل البري في التلقيح
غير المباشر من خلال تفاعله مع نحل العسل و دور التنوع في الاستقرار
البيئي.
أهمية طرز النحل الأخرى " Non-Apis bees" ( غير نحل العسل) في تلقيح المحاصيل
هناك
العديد من طرز نحل العسل, إلا أنها تنتمي جميعاً لجنس Apis, و نحل العسل
سمي بهذا الاسم نظراً لقدرتها على تخزين كميات كبيرة من العسل مقارنة بطرز
النحل الأخرى, التي لا تنتمي لهذا الجنس. كما أنها لا تتواجد بمستعمرات
واضحة كما هي الحال في نحل العسل, و يمكن إدخال هذه الطرز في عملية التلقيح
بعدة طرق, كما أن نحل هذه الطرز يقوم بتخزين كميات ضئيلة من الرحيق و
اللقاح داخل أعشاشه, معظم هذه الملقحات تشاهد ببساتين التفاح.
عدد خلايا النحل الموصى بها لتلقيح أزهار المحاصيل المختلفة
من
المحاصيل التي تعتمد على النحل في عملية التلقيح في المقام الأول الفواكه,
القرعيات, بعض الأعلاف و محاصيل البذور الزيتية. و تشمل محاصيل الفاكهة
التي تعتمد على النحل في تلقيحها, التفاح, الكمثرى, الخوخ, اللوز,
النكتارين, المشمش, البرقوق, الكريز, الفراولة, اللوجان بري, البلوبري,
الكاكي و الكيوي. معظم هذه المحاصيل تحتاج للتلقيح الخلطي لزيادة عقد
الثمار و بالتالي المحصول. و يختلف عدد خلايا النحل اللازمة لحدوث التلقيح
الأمثل باختلاف المحصول و كذلك الصنف. ففي حالة التفاح صنف ديليشص و أصناف
البرقوق يحتاج الفدان لعدد أكبر من الخلايا نتيجة وجود ظاهرة عدم التوافق
الجنسي الذاتي, كما هي الحال في محاصيل اللوز و الكريز و غيرها. و نظراً
لاحتواء رحيق أزهار الكمثرى على محتوى منخفض جداً من السكر, فإن الأمر
يتطلب وجود عدد أكبر من خلايا النحل, كما يذكر فري (Free, 1993), بافتراض
أن زيادة المنافسة على رحيق و لقاح الكمثرى يزيد من أعداد النحل الزائر. و
في حالة الأصناف المتقزمة و الزراعات الكثيفة, يتطلب الأمر زيادة عدد خلايا
النحل في وحدة المساحة.
التلقيح الخلطي
يزداد عقد ثمار بعض محاصيل
الفاكهة عن طريق التلقيح الخلطي, فري( Free, 1993), فعلى سبيل المثال, يمكن
تحسين التلقيح في صنف التفاح رد ديليشص و بعض أصناف التفاح الأخرى عن طريق
زراعة أشجار التفاح كراب crab apples بين أشجار الصنف الأصلي, و تسمى تلك
النباتات التي توفر اللقاح لضمان التلقيح الخلطي بالملقحات. و هناك تنوع
هائل فيما يتعلق باحتياجات التلقيح الخلطي للمحاصيل المنزرعة, فربما يكون
صنف ما خصب ذاتياً, في يحين يحتاج صنف آخر للتلقيح الخلطي بلقاح واحد أو
أكثر من الأصناف. و في بعض الأنواع, و ربما نجد بعض الأصناف غير المتوافقة
جنسياً مع أصناف أخرى, و عدم التوافق هذا قد يرجع لعدم قابلية مياسم الزهرة
لتلقي اللقاح أو لاختلاف توقيت التزهير. و في بعض المحاصيل الثنائية
المسكن و التي توجد بها الأزهار المذكرة على نبات, بينما تحمل الأزهار
المؤنثة على نبات آخر منفصل, لا بد من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان وجود
عدد من النباتات المذكرة بين النباتات المؤنثة, فعلى سبيل المثال, بعض
محاصيل الهجن مثل عباد الشمس و البطيخ اللابذري (الخالي من البذور), تزرع
الأصناف العقيمة ذكرياً مع أصناف الملقحات الخصبة بغية الحصول على الصفات
المرغوبة. و تسمى زهرة النباتات التي تحمل كلٍ من الأجزاء المذكرة و
المؤنثة بالزهرة الخنثى, و في بعض الأزهار كما هي الحال في التفاح, قد تكون
الأجزاء المذكرة و المؤنثة نشطة أو فعالة في أوقات مختلفة ( الآلية التي
تشجع حدوث التلقيح الخلطي).
و قد توصلت البحوث التي أجريت على سلوك
النحل إلى التوصية بزراعة أشجار الصنف الملقح بين أشجار الصنف الأصلي بدلاً
من زراعتها في صفوف منفصلة (هذه التوصية الأخيرة سبق أن تبناها البعض و
ذلك لتسهيل عملية جمع الثمار. و بجانب التفاح, هناك محاصيل أخرى تستفيد من
أو تتطلب التلقيح الخلطي مثل البلوبري, الكريز, الكيوي, الكاكي, عباد الشمس
و الباوباو و غيرها.
بيولوجي حبة اللقاح و الميسم
تبدأ عملية
التلقيح بظهور و انتثار اللقاح الناضج الذي يحمل الجاميطات المذكرة أو
أسلافه, ويتعرض اللقاح لظروف بيئية قاسية أو معادية - كالجفاف مثلاً - و
التي يجب أن يصل فيها اللقاح الحيوي و يبلغ سطح الميسم المستعد لتلقي
اللقاح في الوقت الملائم. وأن أي فشل لإنبات حبة اللقاح و من ثم عدم إتمام
الإخصاب إنما يعني فشل عملية أو إجراء التلقيح تماماً. وبغض النظر عن شكل و
حجم و طراز حبة اللقاح و كذلك الطريقة التي تنتثر بها, فإن العامل المحدد
هنا هو حيويتها التي يمكن تقديرها بعدة طرق. وتقدير حيوية اللقاح يعد
الخطوة الأولى في تفهم فرص حبة لقاح ما على الإنبات على سطح الميسم كخطوة
حاسمة أو مصيرية في اتجاه عملية الإخصاب, وتعتمد العلاقة بين حبة اللقاح و
سطح الميسم على حيوية اللقاح, استعداد سطح الميسم لتلقي اللقاح, التفاعل
الوراثي بينهما الذي يمكن تتبعه و التعرف عليه من خلال نظام عدم التوافق
(إذا وجد). وتجدر الإشارة هنا إلى أن نجاح إنبات حبة اللقاح لا يضمن نجاح
الخطوات التالية التي تتبع ذلك و ذلك كنتيجة وجود العديد من العوامل مثل
التنافس بين اللقاح, التفاعلات مع أنسجة القلم, عمليات عدم التوافق
المتأخرة وحتى بعد إجهاض الزيجوت. وفي معظم الدراسات المتعلقة بمجال
التلقيح, ينصب الاهتمام بصفة رئيسية على تقدير حيوية اللقاح, استعداد
المياسم لتلقي اللقاح, نمو الأنبوبة اللقاحية بالقلم و نظام التربية. وقد
بينت الدراسات الهيستوكيميائية حقائق هامة عن العلاقات بين اللقاح و
الميسم, غير أنها غير قابلة للتطبيق في معظم مشاريع التلقيح.
وجدار حبة اللقاح لا تحيطه طبقة من الكيوتيكل و لكنه محاط بطبقة معقدة exine وهناك طرازين من اللقاح يوجدان بالنباتات الراقية, هما:
1.
الطراز الثنائي الخلايا Bicellular type: توجد بالنباتات المعراة البذور
gymnosperms وثلثي عائلات النباتات المزهرة. في هذا الطراز يوجد بحبة
اللقاح المكتملة خليتين, الخلية الخضرية و التي ترتبط بنمو الأنبوبة
اللقاحية و الأيض, و الأخرى الخلية التناسلية و التي تنقسم داخل الأنبوبة
اللقاحية إلى نواتين ذكريتين.
2. الطراز الثلاثي الخلايا Tricellular
type: توجد في ثلث النباتات المغطاة البذور angiosperms (كما في بعض
العائلات مثل Asteraceae, Poaceae, Brassicaceae, Apiaceae ), تنقسم الخلية
التناسلية إلى إثنتان ومن ثم يصبح بحبة اللقاح المكتملة ثلاثة خلايا.
وتوجد الخلايا التناسلية داخل سيتوبلازم الخلية الخضرية , لا تنفصل بجدار
بل محاطة بغلافها البلازمي.
وتجف حبة اللقاح المكتملة و يتبقى بها
القليل من الماء ومن ثم فهي تحتاج للماء من أجل النشاط و الإنبات و هذا
الماء يتحصل عليه أو تكتسبه من الميسم.
ويعتبر الميسم و القلم من
الأعضاء الغدية أو التي تمتلك غدد و أن نشاطها الأيضي مرتبط بعمليتي
التلقيح و الإخصاب. و يحتوي الميسم على خلايا تتذكر حبة اللقاح وتقدم لها
مواد تعمل على إنباتها. وعندما تكون المياسم - في مرحلة الاستعداد - مغطاة
بسائل غزير تصنف على أنها رطبة كما هي الحال في بعض العائلات النباتية مثل
Orchidaceae , Fabaceae & Ericaceae أما إذا كان سطح الميسم مغطي بغطاء
أو قشرة لزجة فهذه تصنف على أساس أنها جافة كما هو موجود ببعض العائلات
مثل Poaceae , Brassicaceae & Boraginaceae. وقد أوضحت العديد من
الإختبارات أن استعداد الميسم لتلقي اللقاح مبنية على الحقيقة التالية: أن
إفرازات المياسم و الأقلام ربما تنجز أو تحقق عدة أدوار تتعلق بتفاعل
اللقاح و المياسم مثل:
1. التحكم في التصاق و التميؤ (امتصاص الماء) و إنبات حبة اللقاح.
2. الحماية من مهاجمة الميكروبات و المفترسات ومنع فقد الماء من الميسم.
3. تغذية حبة اللقاح خلال نموها.
4. تقديم بعض المواد التي تعد كمكافئة للملقحات الزائرة.
تقدير حيوية اللقاح
تستخدم اختبارات تقدير حيوية اللقاح للأغراض التالية:
1. تقييم أو تقدير خصوبة أب ما (خاصة في برامج التربية).
2. رصد أو مراقبة و تتبع حالة اللقاح الوظيفية خلال و تحت ظروف التخزين.
3. تقييم فرص إنبات اللقاح في دراسات تفاعل اللقاح و المياسم.
4. دراسات الخصوبة و عدم التوافق الجنسي.
5. اكتشاف الهجن الفردية في العشائر البرية.
6. تقييم فرص إنبات اللقاح عقب تعرضها للعديد من الظروف وعوامل الانتثار و غيرها.
العوامل التي تؤثر على عقد الثمار
1 - فترة التلقيح الفعالة
في
أصناف التفاح الثنائية الأساس الكروموسومي, عادة ما يتزامن تميز البويضة
مع تفتح الزهرة ومن ثم يصبح الإخصاب أمراً ممكناً. وعقب التلقيح, يمر وقت
حتى تصل الأنبوبة اللقاحية إلى الكيس الجنيني وفي هذا الوقت يحدث الإخصاب. و
البويضة البالغة لها عمر محدد, كما أن التلقيح الفعال يتحدد أيضاً بالفترة
التي تعقب تفتح الزهرة مباشرة, وطول هذه الفترة يعادل طول فترة حياة
البويضة مطروحاً منه الوقت اللازم لوصول الأنبوبة اللقاحية للكيس الجنيني. و
التلقيح الذي يحدث عقب فترة التلقيح الفعالة لن يؤدي إلى إخصاب لأنه في
الوقت الذي تصل فيه الأنبوبة اللقاحية إلى البويضة, يكون التحلل قد بدأ في
نسيج المشيمة. وهناك العديد من العوامل الخارجية التي تطيل أو تقصر وقت نمو
الأنبوبة اللقاحية أو وقت بقاء البويضة.
وقد تتحلل البويضة مباشرة عقب
تفتح الزهرة, أو تظل حية لفترة زمنية أطول. فبويضات التفاح صنف ديليشص
تتطور متأخراً ولكنها تتحلل بسرعة. ويحدث تحلل البويضة متأخراً في الأزهار
الطرفية (القمية) عن تحلل بويضات الأزهار الجانبية. ويقدر طول فترة حياة
البويضة في الصنف ديليشص بحوالي خمسة أيام وفي الصنف جوناثان Jonathan
بحوالي 7 - 8 أيام وفي الصنف ميلبا "Melba" 19 - 12 يوم.
2 - تأثير الحرارة
وجد
أن انخفاض درجة الحرارة إلى أقل من 10 مº يمنع النحل من مغادرة الخلايا,
وقد تنبت حبوب اللقاح على سطح الميسم إلا أنها تنمو ببطء, فعلى سبيل المثال
وجد أن الأنبوبة اللقاحية في الكمثرى صنف بارتلت تنمو بمعدل يوازي ربع
سرعتها في النمو عند درجة 15 مº و عند درجة حرارة 6 مº يكون نمو الأنبوبة
اللقاحية بطئ جداً للدرجة التي يحدث عندها أقل عقد ثمار. و إذا حدث و تأخر
التلقيح أو أن الأنبوبة اللقاحية كانت تنمو ببطء, فقد تفقد البيضة داخل
الكيس الجنيني حيويتها قبل حدوث الإخصاب, أما إذا ارتفعت درجة الحرارة عن
الدرجة المثلى تساقط الأزهار.
3 - تأثير الرياح
على الرغم من أن
الرياح ضرورية جداً لإتمام عملية التلقيح في أزهار الأصناف التي يتم تلقيح
أزهارها بواسطة الرياح, إلا أن الرياح الجافة القوية قد تؤدي إلى إزالة سطح
الميسم, ومن ثم لن تنبت حبة اللقاح, بل أكثر من ذلك نجد أن أفراد النحل لن
تغادر الخلية إذا ما تعدت سرعة الرياح 25 - 40 كيلومتر/ ساعة.
4 - تأثير نقص برودة الشتاء
عندما
لا تتعرض أشجار الفاكهة المتساقطة الأوراق خلال الشتاء للبرودة الكافية,
فإن ذلك لن يؤدي إلى تساقط بعض البراعم الزهرية قبل تفتحها فقط , بل أن
البراعم المتبقية ستتفتح في أوقات مختلفة, مما يطيل موسم التزهير, وهذا
يعيق التلقيح الجيد و العقد المناسب, و الدليل على ذلك أن شجرة الكريز صنف
لامبرت قد تحمل ثماراً خضراء بجانب الثمار الناضجة في نفس الوقت.
5 - تأثير منافسة الحشائش
تنتج
أزهار بعض الفواكه كالكمثرى على سبيل المثال القليل من الرحيق أو قد لا
تنتج رحيق بالمرة, فإذا سُمح للحشائش الموجودة أو لنباتات محصول التغطية أن
تُزهر, فسوف يؤدي ذلك إلى جذب الحشرات مثل النحل لأزهار الحشائش بدلاً من
الانجذاب لأزهار المحصول الأساسي بالبستان. لذلك لا بد من التخلص من
الحشائش أو نباتات محاصيل التغطية عند حلول ميعاد تزهير أشجار صنف الفاكهة
المنزرعة بالبستان.
المصادر:
1. إبراهيم, عاطف محمد (2005). طرق تربية و تطوير و تحسين محاصيل الفاكهة. منشأة المعارف - الإسكندرية - جمهورية مصر العربية.
2.
إبراهيم, عاطف محمد (1998). أشجار الفاكهة - أساسيات زراعتها, رعايتها و
إنتاجها. منشأة المعارف - الإسكندرية - جمهورية مصر العربية.
3. عاطف
محمد إبراهيم - 1996 - الفاكهة المتساقطة الأوراق - زراعتها, رعايتها و
إنتاجها (الطبعة الثانية). منشأة المعارف - الإسكندرية - جمهورية مصر
العربية.
4. Chaudhari, H.K. 1978. Elementary principles of plant breeding. Oxford & IBH publishing Co. New Delhi.
5. Free, J. B. 1993. Insect pollination of crops. 2nd ed. Academic Press. London
6. Stephen H. and L . K. Jackson. 2003. Pollination of Citrus Hybrids. University of Florida, IFAS Extension HS182
7. Young, A.M. 1985. Pollen collecting by stingless bees on cacao flowers Experiential 41:760-762. #jhj_agricultural_eng