الصفحات

السماد العضوي أو الكمبوست


السماد العضوي أو الكمبوست

1


1
السماد هو دواء التربة الفقيرة للمواد العضوية وللمواد المُغَذيِّة، ويستخدم في الحدائق والحقول لتَغذية التربة والأشجار والخضراوات، لكن من منا كان يفكر أن يأتي يوم يقوم فيه الفلاح بتحويل الزبالة التي نرميها إلى سماد عضوي لتحسين نوعية التربة في حدائقنا وفي حقولنا، أي أنَّ الزبالة يمكن أن تكون مفيدة للإنسان، ويجب عدم حرقها من قبل البلدية كما يحدث الآن. ويطلق على السماد الذي نحصل عليه من مخلفات المطابخ وحشائش الحدائق والنفايات الورقية والخشبية اسم السماد العضوي أو «الكمبوست». وبخلاف الأسمدة الكيميائية التي هي غذاء مباشر للنباتات، يعتبر السماد العضوي غذاء للتربة. فهو يغنيها بمغذيات مثل النيتروجين والفوسفور والعناصر الأخرى التي تمتصها النباتات. وعدم تَغذية التربة بهذا السماد سيجعلها أقل إنتاجية ويتسبب بفقر الإنتاج الزراعي.

وتسميد التربة لأجل تحسين نوعيتها يختلف عن تسميد النبات بالسماد الكيميائي لأجل تحسين إنتاجيته. ويعتبر التسميد بالسماد العضوي من أهم الطرق في تحسين جودة التربة ومنعها من الانجراف. فمن خلال هذا التسميد تعود للتربة المواد العضوية التي استهلكتها النباتات، وهذا من شأنه تحسين بُنية التربة، لأن المواد العضوية هي التي تربط حبيبات التربة ببعضها البعض وتمنعها من الانجراف. كذلك تعتبر التربة بطيئة في تصريفها للمياه، لكن إضافة «الكمبوست» إليها، سيساعد على زيادة المسافات بين حبيباتها ويجعلها قادرة على تصريف الماء الزائد الذي تتشربه. أما إذا كانت التربة رملية فكلنا يعرف أن أهم مشكلة هنا هي أنها لا تُخَزِّن المياه بشكل جيد، وهذا يفسر لنا عدم قدرة هكذا تربة على زرع معظم الخضراوات والأشجار، لكن بإضافة السماد العضوي إليها ستصبح التربة الرملية قادرة على تخزين كميات أكبر من المياه، وستصبح غَنيِّة بالمواد المُغَذِّية مما يؤدي إلى تحسين منتجاتها الزراعية.

ما هي مواد الكمبوست؟

تعتير المصادر النباتية مواد جيدة للاستخدام في صنع السماد العضوي، مثل أوراق النبات الخضراء أو اليابسة والعشب والأعشاب الضارة وفضلات الأطعمة النباتية ونشارة الخشب وقطع الأخشاب الصغيرة والجرائد، أما اللحوم والعظام والأطعمة الدَسمة فلا تصلح لذلك، لأنها تكون جاذبة للفئران والأفاعي.
تجمع هذه المواد في حاوية وتترك لفترة زمنية فتتحول إلى مواد عضوية. وتَلعبُ البكتيريا وبعض الفطريات وكائنات صغيرة أخرى (مثل بعض الحشرات ودود الأرض) دوراً هاماً في تحقيق هذا التحول عند وجود هواء يتخلل التربة. تعمل البكتريا على تحليل النباتات والمخلفات الأخرى التي ذكرناها إلى مواد مُغذِّية تستخدمها التربة. وتدعى هذه العملية بـ«التسبيخ composting» وهي شكل من تدوير النفايات العضوية يحدث في الطبيعة منذ ملايين السنين.
أما لماذا تتحول هذه المخلفات إلى سماد عضوي، فهو بسبب أن بعض هذه المخلفات تكون غَنيِّة بالنيتروجين والبعض الآخر غَنيِّة بالكربون. وتعمل البكتيريا بشكل جيد لو كان ناتج الخلطة يساوي تقريباً 30 جزءاً من الكربون مقابل جزء واحد من النيتروجين (أي النسبة 30 كربون إلى 1 نيتروجين)، علماً أنَّ مخلفات النباتات ذات اللون الأخضر تكون غَنيِّة بالنيتروجين والمواد البُنيّة اللون تكون غَنيِّة بالكربون. وكمثل على تفاوت المحتوى الكربوني والنيتروجيني للفضلات المختلفة نذكر مثلاً نشارة الخشب التي  تحتوي على نسبة 500 جزء من الكربون مقابل كل جزء واحد من النيتروجين. أما المخلفات النباتية فتحتوي على معدل نسبة 15 جزءاً من الكربون مقابل كل جزء واحد من النيتروجين، لذلك يؤدي خلط المواد المختلفة إلى نسبة كُلِّية تقارب النسبة 30:1 التي ذكرناها.
ومن أهم المواد الغَنيِّة بالنيتروجين لدينا الخضراوات وفضلات الطعام والأعشاب الضارة وقشر البيض وروث الحيوانات. أما أهم المواد الغَنيِّة بالكربون فلدينا أوراق الأشجار والقش والورق العادي وقطع الخشب ونشارة الخشب.
1
شكل السماد العضوي (الكمبوست)

حاوية صنع السماد

إن الحاوية التي تستعمل لصنع السماد تكون إما من أسلاك الحديد المشبّك أو من الخشب أو من البلاستيك، وتكون بقياسات مختلفة حسب الحاجة. فهي قد تكون صغيرة لاستعمالات الحديقة المنزلية بطول تقريبي متر وارتفاع متر أيضاً. أو تكون متوسطة الحجم لاستعمالات حقل صغير أو بستان صغير. وقد تكون كبيرة جداً، كما في المعامل المتخصصة بصناعة السماد العضوي (الكمبوست) أو في معامل البلديات. ويمكن صناعة الحاويات الصغيرة والمتوسطة إما يدوياً أو شرائها من المتاجر، شرط أن تكون جدرانها مثقوبة بفتحات كثيرة كي تسمح بدخول الهواء إلى خليط الفضلات وأن تسمح برشح الماء نحو الأرض.

مرحلتا تجميع وصنع السماد في المنزل

يمكن الحصول على نحو متر مكعب من السماد العضوي من حوالي كل 10 أمتار مكعبة من النفايات العضوية. ويتم الأمر على مرحلتين، حيث تبدأ المرحلة الأولى من جمع المخلفات النباتية في حاوية صغيرة في المطبخ. وتبدأ المرحلة الثانية بتجميع هذه الأزبال في حاوية أكبر نضعها في الحديقة أو الحقل.
حاوية المطبخ
تبدأ الخطوة الأولى من المطبخ بأن نختار حاوية صغيرة ونخصصها للفضلات العضوية النباتية مثل قشور الفاكهة وناتج تقميع وتقشير بعض الخضراوات والورق والعلب الورقية وقشور البيض بعد تكسيرها ومخلفات الطعام التي لا تحتوي على لحوم وشحوم وعظام وزلال بيض وأجبان ولبن. ونحاول أن نضع هذه المخلفات بشكل طبقات، ويُفضَّل أنْ نَفصلَ بين الطبقات بورق جرائد لكي نسهّل عملية تفريغ محتوى الحاوية وتنظيفها. ويجب عدم تغطية الحاوية لأن المواد الموجودة بداخلها ستختمر وتصبح نتنة. وعندما تمتلئ حاوية المطبخ الصغيرة نُخرجها ونقوم بتفريغ محتوياتها في حاوية التسميد الأساسية في الحديقة أو الحقل. وبعد إفراغ حاوية المطبخ، ننظفها ونضع في قعرها ورق جرائد ونعيدها إلى المطبخ لتمتلئ من جديد.
حاوية السماد الأساسية
نضع الحاوية الأساسية في مكان مُظلّل خارج المنزل. والأفضل أن نضعها على التراب، كي يمتص السوائل التي قد تنضح منها. ونضع في أسفل هذه الحاوية طبقة من الأغصان وأوراق الأشجار القوية والمتينة، بحيث لا تتكسر عندما تزداد الحمولة من الفضلات التي ستتحول إلى سماد لأجل تهوية مركز الحاوية. ويستحسن أن نضع الفضلات على شكل طبقات فوق بعضها البعض بحيث تكون الطبقة السفلى من المواد البنّية وتليها طبقة من المواد الخضراء، ثم بنية، ثم خضراء، ونستمر هكذا إلى أن تمتلئ الحاوية، ومن الأفضل أن تكون الطبقة الأخيرة بنية أيضاً. وستكون الطبقات البنية أكبر حجماً من الطبقات الخضراء. ستسمح هذه الطريقة التبادلية بين اللونين بتهوية المواد الموجودة في الحاوية وتساعد في تصريف المياه منها، والتي عادة ما تنتج عن وجود أوراق الأشجار والأطعمة. والخطوة الأخيرة هي أنْ نقوم بقلب الحاوية الممتلئة رأساً على عقب كل أسبوع أو كل بضعة أسابيع، من دون إسقاط المواد التي بداخلها. سيساعد هذا على خلط الفضلات مع بعضها مما يُزيد في تسريع عملية إختمار المواد وتَحولها إلى سماد.
ولكي تختمر المواد بشكل جيد وتصبح جاهزة للاستخدام سيستغرق الأمر مدة غير محددة من الوقت. فهناك عوامل عديدة تؤثر على سرعة اختمار المواد، مثل الطقس وحجم الحاوية وعدد مرات قلب الوعاء. وفي الغالب تختمر المواد الموجودة أسفل الحاوية أولاً. ولو تأخرت الطبقات العليا بالتخمّر فينصح بقلب الوعاء لكي تصبح الطبقات العليا في الأسفل. وبعد اختمار جميع المواد، تصبح محتويات الحاوية من السماد العضوي جاهزة للاستخدام. ومن علامات جاهزيتها للاستخدام هو تقلص حجمها إلى ثلث الحجم الأصلي، ويصبح لونها بنّياً، وتصبح مفتّتة وتصبح رائحتها شبيهة برائحة التراب.
2
الشكل السابق : تصميم مناسب لحاوية الحديقة المنزلية والحقول الصغيرة تمتاز ببوابتها القابلة للفتح مما يسهل عمليات الإضافات والتقليب
3
الشكل السابق : تصميم لحاوية بسيطة تتيح تهوية جيدة وغطاء علوي يمكن رفعه لإتاحة تقليب سهل

دور البلديات

تقوم البلديات بدور مهم في جمع النفايات من المنازل والمدارس والمعامل، ثم تحيل المفيد منها إلى معامل التدوير الخاصة والمتخصصة بتدوير معين. فمثلاً تحيل علب الألمنيوم إلى معامل تدوير الألمنيوم وتحيل الزجاجيات والقناني إلى معامل تدوير الزجاج. كذلك تجمع فضلات الطعام بعد أنْ تُزيل منها كل المواد الغريبة مثل البلاستيك والمطاط والزجاج والمعادن، وتحيلها إلى معامل كبرى لتصنيع السماد العضوي (الكمبوست). تقوم هذه المعامل بتحويل النفايات إلى سماد ويتم تعبئته في أكياس، ومن ثم يباع في الأسواق للمزارعين.
وقد وجدت الدراسات أنَّ معدل ما يخلفه الشخص الواحد في البلدان العربية من أزبال وفضلات طعام تصلح للتسبيخ تبلغ 150 كيلوغراماً في السنة للشخص الواحد. لذلك يجب على البلدية أنْ تقوم بدور أكبر في توعية سكان البيوت والمطاعم والعاملين في المدارس والمعامل على فرز المكونات العضوية لنفاياتهم عن بقية الأزبال من بلاستيك وزجاج ومعدن. وعلى البلديات أن تجمعها بانتظام كل يوم أو يومين وتسلِّمها إلى مرافق التسبيخ التي تُصَنِّع السماد العضوي. أما الجزء غير العضوي من نفايات البلديات فيمكن جمعه مرة كل أسبوع أو أسبوعين، إذ إنه لا يجتذب الحشرات وناقلات الأمراض ولا يصدر رائحة كريهة إن تأخر جمعه.
4
على الإنسان أنْ يقوم بفرز نفاياته لأجل تدويرها وإعادة الاستفادة منها

عوامل مهمة في نجاح التسبيخ

  1. تهوية محتويات الحاوية، فهذا يعرضها للأوكسجين. وتحتاج البكتيريا والكائنات الدقيقة إلى أوكسجين لكي تعيش وتقوم بتسبيخ جيد وفعال. ولا تصدر رائحة كريهة عن كومة النفايات المهواة جيداً، لكن الرائحة الكريهة ستنبعث إذا حصل التسبيخ في غياب التهوية الجيدة.
  2. يجب أن تكون نسبة الكربون إلى النيتروجين في كومة النفايات بحدود ثلاثين إلى واحد. فعند هكذا نسبة تستهلك الكائنات الدقيقة الكربون بفعالية، والنيتروجين سيساعدها على التكاثر.
  3. يجب أن تتراوح رطوبة كومة النفايات بين 40 و60 في المئة. فالكومة الجافة تستغرق وقتاً طويلاً لتتحول إلى سماد. ولتعديل الوضع، يتم رش القليل من الماء على الكومة. أما الكومة الكثيرة الرطوبة فتصدر رائحة كريهة، لأن الهواء لا يخترقها جيداً. ولتعديل هذا الوضع، تُستعمل عصا لإحداث ثقوب في الكومة كي يخترقها الهواء.
  4. يجب أنْ تصل درجة الحرارة في كومة النفايات إلى حوالي 60 درجة مئوية، فهذا مؤشر على أن الكائنات الدقيقة تؤدي مهمتها جيداً.

ملاحظات عن عملية التسبيخ

تستغرق عملية التسبيخ من 3 إلى 6 أشهر، حيث تقوم البكتريا والكائنات الدقيقة الأخرى بهضم النفايات ببطء لتتحول النفايات إلى سماد يمكن سحبه من أسفل البرميل وفرشه مباشرة على التربة. ويمكن إنجاز التسبيخ السريع في مدة أسبوعين إلى ستة أسابيع، لكن هذه العملية تتطلب ثلاثة عوامل رئيسية، تشمل:
  • توفير التهوية الجيدة من خلال تقليب كومة النفايات بكثرة لتمكين الهواء من اختراقها.
  • توفير درجة رطوبة مثالية.
  • حصول التوازن الصحيح، أو النسبة الصحيحة، بين مقادير الكربون والنيتروجين.
5
الشكل السابق : شكل آخر لحاوية قابلة للدوران مما يتيح الخلط الجيد وفتحات التهوية موجودة على الجوانب.
6
الشكل السابق : تصاميم حاويات تسبيخ رائعة تتيح تقليب ودوران سهل مع تهوية دائمة
#jhj_agricultural_eng

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق