اسماء البرسيم
هو البرسيم في العربية، وكذا في التركية، وفي الفرنسية النفل الإسكندري Tréfle d alexandrie وفى الإنكليزية: Clover Alescandrinum وفي اللاتينيةTrifium Alexandrinum .
تعريف البرسيم
البرسيم نبات عشبي سنوي من الفصيلة القرنية الفراشية، وهو أجل الكلئيات الرطبة قدراً في مصر ولدى فلاحي مصر، ويكاد يكون هناك الغذاء الوحيد للحيوانات في فصل الشتاء والربيع حيث لا يكون خلالهما محصول كلئي جيد التغذية وافر الغلة كمثله.
يقول العالم بواسيه : إن مصر ليست الوطن الأصلي للبرسيم بل الأناضول وبلاد الشام، لكن المعروف هو أن البرسيم يزرع في مصر منذ عهد بعيد لفوائده العديدة. والبرسيم بعد أن كان مجهولاً في بلاد الشام وخاصة في دمشق، لاعتماد الدماشقة في فصل الشتاء على البيقية والحلبة الرعويتين إلى أن دخلها البرسيم بكمية جد ضئيلة جلبه من مصر بعض اللذين قدروه حق قدره، وذلك قبل سنة 1910، وظل قليل الاستعمال إلى سنة 1930 حيث انتشرت زراعته إلى حد ما بلغت نحواً من 1000دونم، وأكثر من يعنى به الآن عندنا هم بعض زراع غوطة دمشق وقرى دومة ووادي العجم وخاصة الذين يربون البقر البلدي ذا الدر الغزير المحتاج للكلأ الطيب الوفير، وهم صاروا يعتمدون في تغذية هذا البقر الجيد على البرسيم في فصل الشتاء الذي لا تظهر الفصفصة فيه، ويعتمدون على الفصفصة في فصل الصيف الذي يختفي البرسيم وغيره فيه.
استعمالات البرسيم
اولا: هو كلأ رطب غني بالمواد الغذائية البروتئينية، سهل الهضم لقلة أليافه، تعيش عليه ماشية مصر مدة سبعة أشهر، حيث تبدأ التغذية من كانون الأول وتمتد إلى أواخر أيار، هذا إلى أن التغذية بدريسه (حشيشه الميبس) تستمر مدة أخرى غير قصيرة بدلا من تغذية الماشية بالفول والشعير مع التبن، لذا يخففون النفقات التي تبذل في المؤونة الجافة أثناء الصيف.
ثانياً: البرسيم ذو فائدة عظيمة في تحسين خواص التربة المختلفة فجذوره عميقة متفرعة جداً تملأ أحشاء التربة حتى إذا ما تحللت هي وبقايا السيقان بعد انتهائه تعيد التربة كمية كبيرة من المواد العضوية فتستفيد المحاصيل التالية، وهذه الجذور الكثيرة العميقة بعد تحللها تترك مكانها مجاري تساعد على تهوئة التربة وتفكيكها، ثم إن فيها كبقية النباتات القرنية عقداً جذرية (ثآليل) ملآنة بالبكتيريات التي تقوم بتثبيت آزوت الهواء وتكثيره في التربة، ولهذه الأسباب يظهر أثر البرسيم في زيادة غلال المحاصيل التي تعقبه كالذرة أو القطن أو غيرهما، ويقر بهذا الأثر والنفع كل فلاح زرع البرسيم وعني به.
ثالثاً: قد يزرع البرسيم ويحرث ليكون سماداً أخضر يفيد التربة في نواحيها المختلفة لا سيما وهو غزير النمو، سهل التحلل ، ويعتقد المصريون أنه لولا البرسيم وفوائده العديدة هذه لاضمحلت الأراضي المصرية بسبب كثرة زراعة المحاصيل المنهكة لها لتعاقب بعضها وراء بعض دون إراحة، أو تسبيت أو تسميد كاف .
رابعاً: إن زراعة البرسيم في الأراضي الجيدة يعوضها ما تفقده من الدبال بالانحلال، إذ إن جزءاً عظيماً من أوراقه وسيقانه يبقى في الأرض، وتغذية الماشية على البرسيم يجعل أكثر الآزوت الذي كان فيه يعود إلى الأرض في بولها وروثها فتنفع الأرض به سواء كانت التغذية رعياً (بالطوالة) أو حشاً ففي الحالة الأولى يسقط البول والروث على الأرض مباشرة، في الحالة الثانية يسقطان على الفرشة التي توضع تحت أرجل الماشية لصنع الزبل البلدي الذي تسمد به الأرض.
ومما تقدم يتضح أن البرسيم ليس هو من أجود الكلئيات فقط بل من أجود المخصبات للتربة يعوضها ما تفقده من الدبال، ويساعد على إصلاحها، وتحسين خواصها، ولذلك كانت زراعته ذات شأن عظيم، يحرض الفلاحون المصريون على زرعه في أراضيهم بنظام يكفل الانتفاع به على الوجه الأكمل، فلا يتركون قطعة من الأرض مدة طويلة بدون زراعة برسيم، وقد يكررونه في قطعة واحدة سنة بعد أخرى، والعادة أن يبادلونه هو وسائر القرنيات مع محاصيل الحبوب في الدورة الزراعية بحيث يزرع في كل سنة في قطعة جديدة لتنتفع بزراعته جميع الأرض على مر السنين. فياليت زراعته تزداد في بلادنا [بلاد الشام] وتعم الأراضي المسقوية في محافظات حمص وحماة وحلب والفرات والجزيرة المحتاجة جداً لمثل هذا التدبير المتبع في مصر: أولاً: لضمان حاجتها للكلاء الأخضر في موسمي الشتاء والربيع حيث لا كلاء إذ ذألك. ثانياً: لتقوية الأرض هناك، وإخصابها بالبرسيم حيث لا سبيل للسماد والتسميد كما ينبغي.
الأوصاف النباتية للبرسيم
البرسيم من الفصيلة القرنية – الفراشية ومن جنس النفليات - جذره وتدي متفرع يتعمق في الأرض كثيراً ليحصل على ما يلزمه من الثري، والساق ايضا منتصبة إلى علو (60-70) سم، وتتفرع من أسفل فوق سطح الأرض مرفوعاً عديدة قد تبلغ (6-7) وأوراقه مركبة ذات ثلاث وريقات كبيرة متطاولة ذات خضرة أفتح منها في الفصفصة، والوريقة ذات عنق طويل وأذينات ملاصقة للعنق، والنورة عثكولية مكتظة محمولة على نهاية السوق، والفروع يختلف حجمها حسب الصنف، والزهرة فراشية بيضاء ضاربة للصفرة، والتلقيح خلطي ، والبذور صفراء لامعة قليلاً وهى حديثة فإذا عتقت تحمر.
الإقليم
يحتاج البرسيم إلى إقليم معتدل وهو ما يجده في بلاد مصر والشام من أول الخريف إلى أول الربيع، لأن شدة الحر والبرد تؤثر فيه جداً وخصوصاً في أوائل عهده بالنمو، فإن زرع مبكراً حين اشتداد الحر تأثرت أوراقه إن لم يسرع بإسقائها، وكذا إن زرع متأخراً حيث تحمر ويقف نموها، والحر الشديد في أواخر نموه (أيار-حزيران) يحمله على الإسراع في الإزهار وتكوين البذور، وقد رأيناه مزروعاً وحسن النمو حتى في قرية كفر حور غربي قضاء وادي العجم وهي مرتفعة في سفح جبل الشيخ إلى علو (1300) متر.
التربة
أنسب الأتربة لزراعة البرسيم هي الأتربة الطينية الكلسية، والطينية الرملية، ولا يجود نموه في الأراضي الغرقة والشديدة الملوحة والرملية الجديدة لحاجته إلى كثرة الماء، لكنه ينمو في الأتربة السباخ التي أصلحت حديثا ولو بقى فيها قليل من الملح الذي يمنع نمو محاصيل أخرى كالقطن والذرة وغيرها، وهو في مصر يعتبر أقوى دليل على مقدار ما بلغته مثل هذه الأتربة من التقدم عن إصلاحها.
الأصناف
للبرسيم في مصر ثلاثة اصناف هي:
1- المسقاوي: وهو أكثر الأصناف انتشاراً يحتاج إلى ماء غزير، و هو سريع النمو، كثير الخلفية يعطى (3-4) حشات لكن هذا العدد يقل إذا زرع متأخراً تبعا لدرجة التأخير.
2- الخضراوي: يشبه المسقاوي لكنه يتأثر بالبرد ويعطى حشه أو حشتين زيادة عنه.
3- الفحل: قوي النمو، طويل الساق، كثير التفرع، قليل الخلفة لا يعطي إلا حشه واحدة، وهو لا يحتمل كثرة الماء، ولذا لا يسقى إلى مرة واحدة عقيب الزرع، وإذا سقي مرة أخرى قد تتعفن سوقه.
4- البعلي أو الصيدي: ساقه رفيعة ضعيفة يعطي (2-3) حشات وهو لا يحتاج للماء الكثير كالمسقاوي.
والصنف الذي جلب إلى دمشق وما حولها هو المسقاوي، وحبذا لو يؤتى ببقية الاصناف ويعمد الى تجربتها عندنا لعلها تنجح.
زمن الزرع
تبدأ زراعته في مصر والشام في أيلول، وتنتهي في تشرين الثاني، وموعد أيلول أفضل لأنهم إذا بكروا به يتعرض للحر الشديد، وفي مصر يتعرض بالإضافة إلى ذلك إلى الإصابة بدودة ورق القطن التي تفتك به، وإذا تأخروا يتعرض للبرد، وتحمر أوراقه، ويضعف نموه، ولا يرجى منه نفع كما سبق القول، وقد يزرع في أواخر شباط، ولكن في هذه الحالة لا يؤخذ منه غير حشه واحدة.
الدورة
البرسيم محصول شتوي يزرع في مصر بعد بور تسبقه محاصيل الحبوب الشتوية، أو بعد محاصيل صيفية كالرز والقطن، وزراعته عندهم تكون على حالتين:
الحالة الأولى: الزراعة المستديمة، وفيها يمكث البرسيم في الأرض مدة طويلة يؤخذ منه أثنائها عدة حشات وهو أخضر، ويترك البطن الأخير أو جزء منه للحصول على البذور.
والحالة الثانية: تكون الزراعة فيها فرعية أمام المحاصيل الصيفية كالقطن خاصة، وفيها يمكث مدة قليلة فتؤخذ منه حشه واحدة، ويسمونه البرسيم التحريش أو القلب، ولو عمل في بلاد الشام بهذه الحالة الثانية يؤخذ من البرسيم حشتان، لأن القطن عندنا أقصر عمراً من القطن المصري، فإذا زرع البرسيم في أيلول ينمو قبل مداهمة برد تشارين ويكبر ويتمكن من إعطاء حشتين حتى نيسان التالي الذي هو موعد زرع أكثر المحاصيل الصيفية ولا سيما القطن، فحبذا لو عمل مزارعونا في اودية العاصي والفرات والخابور وامثالها بذلك، اذن لاستفادوا من تغذية مواشيهم عليه طول الشتاء، ولأراحوا الأرض ومدوها بالأزوت الذي يخلفه البرسيم، وجعلوها مستعدة لزرع القطن أو غيره من بعد البرسيم فوراً.
تجهيز التربة وكيفية الزرع
طرق زراعة البرسيم في مصر: يزرع البرسيم في مصر على عدة طرق:
1- زراعة البرسيم في الأرض البور: تحرث الأرض حراثة متوسطة، ثم تزحف ويسوى سطحها تسوية تامة، ثم تقسم إلى أحواض (مساكب) فإذا كانت الأرض خفيفة تغمر هذه المساكب بالماء (تربص) ثم تبذر بذور البرسيم فوق الماء حتى إذا امتصته الأرض يغور البذر قليلاً فيها بطبيعته، ويترسب الطمي (العكر) فوقه، وهذا كاف لطمره، وإذا كانت الأرض ثقيلة يزرع البرسيم على الناشف، ويدفن دفناً خفيفاً ثم يروى فوراً، وهو ينبت خلال (4-5) أيام، فإذا برزت بوادره يشرع بإروائه رياً غزيراً على عدان (4-5) أيام مرة في الخريف، ثم يطول العدان إذا توالي هطول الأمطار.
2- زراعة البرسيم بعد القطن : يتبع فيها إحدى الطرق الأتية:
بعد أن يتم جني القطن تزال أحطابه، ثم تحرث الأرض وتزحف ويسوى سطحها وتقسم إلى أحواض (مساكب) ثم تسقى الأرض وتزرع البذور حسب الشرطين اللذين ذكرناهما، وهذه الطريقة تكون في حالة نضج القطن والجني قد تأخر، أو خشي على البرسيم من البرد يعمل هكذا:
بعد تمام الجني تسقى الأرض والأحطاب الواقفة، ثم تقلع الأحطاب في الماء بطريقة قلع خطين وترك الثالث بدون قلع ووضع الأحطاب المقلوعة على أحطاب الخط الثالث، ثم تصلح الأرض ويسوى سطحها بالفأس ويزرع البرسيم بعد ذلك، وبعد أن ينبت البرسيم وتجف الأرض نوعاً يقلع الخط الثالث وتنقل الأحطاب من الأرض، في هذه الطريقة تخدم الأرض ويسوى سطحها مع استئصال الأعشاب وتدفئة البرسيم وهو صغير، إذ أن الحطب الذي يبقى واقفاً يكون بمثابة مصدات للرياح الباردة.
3- زراعة البرسيم تحت الذرة: تزرع البذور نثراً تحت الذرة بعد سقيها السقية الأخيرة أو التي قبلها، وقد تغرق الأماكن التي تكون فيها أعشاب كثيرة للتخلص منها قبل السقي والزرع، وكثيراً ما يقطف ورق الذرة قبل ذلك للانتفاع في تغذية الماشية وليسهل زرع البرسيم بانتظام.
4- طريقة زراعة البرسيم في غوطة دمشق: زراعة البرسيم محمولاً على البيقية والشعير - يتقي زراع غوطة دمشق شدة الحر عن البرسيم خلال أشهر الخريف بزرعه من أول أيلول أو منتصفه محملاً على البيقية مع البرسيم فتزول هي، ويبقى هو بحكم جذوره العميقة المتأصلة، ومن لم يجد البيقية يزرع معه شعيراً ويحشه كالشعير القصيل، فيذهب الشعير ويبقى البرسيم.
انتقاء البذور ومقدارها
يجب أن تكون البذور من صنف واحد جديدة لامعة نظيفة خالية من السوس، ومن بذور الأعشاب الضارة بالبرسيم، ومقدار البذار في الدونم (7-6) كغ إذا كانت البذور نقية، فإن لم تكن تزداد الكمية إلى (8-10) كغ.
التسميد
تسمد أرض البرسيم حين تحضيرها بالزبل القروي ذي الرماد الكثير تسميداً وافراً، أما البرسيم المستديم (المعد للبذر) فيسمد بالإضافة إلى الزبل المذكور بالسماد الكيماوي ما دام القصد هو الحصول على البذور إذ إنه يزيد مقدارها، وقد دلت التجارب أن أحسن سماد كيماوي يفيد البرسيم هو السوبر فسفات الكلس بمعدل (25) كغ للدونم، وهو يوضع عند الحرث، وإذا لم يتيسر وضعه في هذا الوقت ينثر على الأرض عقب الحشة الأولى للبرسيم ثم يروى.
وقد ثبت أن البرسيم من أشد النباتات تأثراً بافتقار الأرض إلى الفوسفات، وإن علامات افتقاره هذا يعرف بضعف نموه، وحمرة أطراف أوراقه خصوصاً إذا اشتد البرد، أما إذا سمد المحصول السابق له بكمية كبيرة من الزبل البلدي أو بالسوبر فوسفات فإن هذه العلامات لا تظهر.
الخدمة بعد الزرع
لا يحتاج البرسيم بعد نجاح نموه لخدمة سوى إبادة الأعشاب الضارة، والمواظبة على ريه ، وحشه في المواعيد المناسبة.
1- الأعشاب الضارة: ينبت في مصر بين البرسيم أغلب الأعشاب الشتوية ومنها الهالوك، والحامول، والسريس، والكبر، والحندقوق، والنفل، والحميض، وضرس العجوز، والجعضيض، والقريص والخلة، والزمير (الشوفان المجنون) وغيرها مما أكثره موجود في بلاد الشام أيضاً، وهذه الأعشاب تنمو بسبب وجود بذورها في الأرض أو في التقاوي، ولا سبيل لمقاومتها إلا باقتلاعها قبل تكوين ثمارها وجمعها وحرقها، وبعضها كالحامول والسيريس والكبرو والحندوق كما توجد بذورها في التربة كغيرها توجد أيضاً بكثرة مختلطة بالتقاوي، وإذا كانت شديدة الضرر ينبغي تنظيف البذور منها قبل زراعتها في الأرض.
2- السقي: يسقى البرسيم بعد (10-12) يوماً من زراعته، وبعد ذلك يسقى كلما احتاج، ومتوسط عدد السقيات التي يأخذها البرسيم المسقاوي في مصر وفي الظروف العادية (9-10) ريات.
3- الحش: متى بلغ طول البرسيم (30 سم) يحش للمرة الأولى ثم تسقى الأرض ثانية وتترك، والحش يؤتى بالمنجل، ويقدر أن الرجل يحش دونماً واحداً والماكينة نحو (120) دونماً، وينضج البطن الأول بعد مضي (60-70) يوماً من الزراعة ثم يتولى الحش (4-5-6) مرات كل (45-50) يوماً إلى أن يدخل شهر حزيران، ثم يترك البرسيم حتى يزهو ويعطي محصولا من البذور، ويراعى في عملية الحش أن تكون الأرض غير مبللة، وأن يؤتى الحش قريباً من الأرض بحيث تقطع السوق البالغة، وأن يلم البرسيم المحشوش لماً تاماً فلا يبقى في الأرض برسيم مبعثر يكون عرضة للتعفن.
تغذية المواشي على البرسيم
يكاد يكون البرسيم الأخضر الغذاء الوحيد للحيوانات في فصل الشتاء في مصر، وهو غني بالمواد الغذائية، وفي الحشة الثالثة من البرسيم المسقاوي وجد في التحليل في المئة (85،3) ماء، و: (2،15) بروتين، و: (0،78) كربوهيدرات، و: (4،90) ألياف، و:( 1،77) رماد ونسبة المهضوم من هذه المواد عالية، أي: إن الماشية تستفيد بمقدار عظيم منها، وتتغذى الماشية على البرسيم الأخضر إما حشاً أو رعياً أو بالطريقتين، ففي التغذية حشاً يقوم العمال بحش البرسيم ونقله إلى الاصطبلات أو الزرائب فتتغذى الحيوانات عليه، أما في التغذية رعياً فتربط الماشية بنظام خاص في البرسيم لترعاه ليلاً ونهاراً تحت ملاحظة القائمين عليها، والتغذية بالطريقتين معاً تكون بالرعي أثناء النهار في الحقل والحش لتغذية الماشية على البرسيم المحشوش أثناء الليل في الاصطبل، ولكل حالة من هذه الحالات ظروفها، فالتغذية حشاً تتبع عندما يكون البرسيم متوفراً، وهي أفضل الطرق، لأن قطع السوق أثناء الحش يكون منتظماً فينمو الكرسي (الأزرار) سريعاً دون أن يصاب بضرر، وهذا يفيد في الحصول على أقصى ما يمكن من عدد الحشات التي يمكن للبرسيم أن يعطيها.
أما التغذية رعياً فتتبع عندما يكون البرسيم قليلاً، لأن الحيوانات تستهلك مساحة أقل إذا كانت حشاً، والرعي أقل كلفة من الحش وأفيد للأرض، بحكم أن جميع الروث والبول يسقط في الأرض ولا يضيع منه شيء، وإن كانت هذه المواد تؤثر على البطن الذي ينمو بعد ذلك فتعافه الحيوانات قليلاً، هذا، وفي تغذية الماشية على البرسيم:
1- ينبغي التدرج في التغذية بأن تعطى الماشية نصف عليقة جافة، والنصف برسيماً لمدة عشرة أيام، ثم يزاد ذلك مع قليل من العليقة خمسة أيام أخرى، ويتبع عكس ذلك أيضاً قبيل انتهاء البرسيم وذلك منعاً من اضطراب الجهاز الهضمي.
2- أن يكون رعي الحيوانات في الحقل بنظام أي: لا يترك الحيوان واقفاً في محله مدة طويلة حتى يقضي على الكرسي (الأزرار) أو على الأقل يؤذيه ويؤخر نموه، ولا ينقل من محله قبل أن يستوفي رعي بقايا البرسيم فيترك بسبب ذلك كثير من البقع بها بقايا من السوق عالية.
3- ما يبقى بعد رعي الحيوانات من السوق فوق سطح الأرض في بعض البقع يحش ويزال من الحقل، فإن تركت هذه البقايا أضرت بالكرسي ضرراً بليغاً، والمعتاد في المساحات الواسعة أن تربط الدواب كالبغال والحمير فيها لتنظيف الأرض منها أولاً بأول، لأن ذوات الحافر لا تمتنع عن أكلها كالمجترات ثم ينظفها العمال بعد ذلك.
4- ينبغي ألا ترعى الحيوانات في الأرض وهي موحلة (طرية) لأن ذلك قد يؤدي إلى إتلاف الكرسي.
5- ينبغي أن لا ترعى الماشية البرسيم إلا بعد تطاير الندى لئلا يتسبب عنه انتفاخ قد يصحبه مغص معوي.
6- في حالة الرعي ينبغي التدريج بتطويل حبل الرعي قليلاً حسب الحاجة حتى لا تتلف كثيراً من البرسيم بالروث والبول فتتركه الماشية بدون رعي، ومثل هذا البرسيم التالف (الزفر) يجب حشه وإخراجه من الحقل، أو ترعاه الأغنام.
7- الأفضل رعي المواشي نهاراً، وتغذيتها بالحش ليلاً إذا كانت في حاجة إلى ذلك، كما وقت العمل محافظة عليها من البرد.
مساحات البرسيم اللازمة
إن متوسط مساحة ما يأكله كل من حيوانات المزرعة وما يلزم زراعته سنوياً من البرسيم المستديم هو كما يأتي:
وبديهي أن هذه المساحة تزداد بنسبة ضعف الأرض، ويدخل في هذا التقدير ما يصنع من (الدريس) البرسيم الميبس لتغذية الحيوانات عليه فترة من الزمن (شهر أو شهر ونصف) بعد موسم الربيع، وكذلك ما يحجز في الوجه الأخير للحصول على التقاوي (البذور) وعلى هذا الأساس تقدر مساحة البرسيم المستديم التي تخصص سنوياً لحيوانات المزرعة.
تيبيس البرسيم
يقطع البرسيم الأخضر بعد أن يبلغ نموه التام ويجفف ويحتفظ به إلى وقت لزومه، يسمونه حينئذ في مصر دريساً، وذلك للاستفادة منه في تغذية الحيوانات فترة من الزمن (شهر أو شهر ونصف) بعد فصل الربيع تخفيفاً لنفقات المؤونة الجافة (تبن وقطاني) والدريس يحتوي فيما ذكرته التحاليل في المئة على (12) بروتئین و: 75،1 دهن، و: 48،31 كربوهيدرات، و: 77،25 الياف، و : 70،9 رماد ، و40،16 ماء.
يصنع الدريس من الأوجه التي تلي الحشة الأولى في البرسيم المسقاوي وأمثاله، أو من القطعة الوحيدة في البرسيم الفحل، وموسم صنعه يبدأ عادة من شهر آذار لتوفير البرسيم وزيادته عن حاجة الحيوانات وقتئذ، ولأن حالة الجو تساعد على صنعه حيث ترتفع درجة الحرارة ويقل هطول المطر، كما تقل الرطوبة، ويجتنب من استعمال الحشة الأولى لكثرة احتوائها على الماء، ولعدم ملائمة الجو، والدريس الجيد هو ما توفرت فيه الشروط الآتية:
1- أن يكون من برسيم أخضر قد بلغ تمام نضجه، إذ تكون نسبة الماء فيه أقل، والعادة أن يحش البرسيم حينما يكون معظم نباتاته مزهراً.
2- أن يكون مشتملاً على جميع أوراقه الخضراء لاحتوائها على معظم المواد الغذائية مما يدل على أن تجفيفه تم بطريقة حسنة.
3- ألا تنبعث منه رائحة كريهة، بل تكون رائحته مقبولة حتى تأكله الحيوانات برغبة.
أما طريقة صنعه فهي: يحش البرسيم البالغ بعد زوال الندى ويترك ملقى على الأرض على هيئة صفوف منتظمة 2-3 أيام يقلب باحتراس بعد زوال الندى مع نقله من موضعه إلى موضع آخر، وتعريض الجزء السفلي للشمس، ويترك على هذه الحالة 2-3 أيام ليزداد جفافاً، وبعدها ينقل باحتراس إلى أرض البيدر لإكمال عملية التجفيف، فينشر لمدة 7-10 ايام تبعا لحالة الطقس، ويقلب اثناءها مرتين او ثلاث، وبعد جفافه يوضع على هيئة كومات أو طابيات (جمع طابية) منتظمة الشكل، على أن تكون أرضها مفروشة بالأحطاب لوقاية الدريس من النشع، وما يجف من الدريس يوضع في الطابية اولا بأول، ويستمر هكذا حتى يبلغ ارتفاعها ثلاث أمتار، وينبغي أن تترك بين الطابيات ممرات واسعة لسهولة مرور العمال والعجلات، ويحسن عند التكويم أن يجعل في الطابية عدة فراغات عمودية لزيادة التهوية، وذلك بوضع حزم من حطب الذرة سمكها 10سم وضعاً عمودياً، وبعد تمام التكويم تنزع هذه الحزم فيبقى الفراغ الذي كانت تشغله حافظاً لشكله، وقد يستغني عن هذه الفراغات بفراغ واحد ومتسع في الوسط كالمدخنة، إذا كانت الكومة صغيرة الحجم.
ويجب في تجفيف البرسيم ألا يترك حتى يجف جفافاً زائداً خشية تقصف الأوراق وسقوطها أثناء التقليب في الحقل والبيدر، والدريس عند نقله من جهة إلى أخرى يكبس على هيئة بالات صغيرة، والدريس الموجود على حاله بالات يمكن خزنه مدة طويلة دون حدوث تلف فيه.
الكمر (السيلاج)
تتبع المزارع الحكومية في مصر طريقة أوربية لحفظ البرسيم الذي لا يصلح لعمل الدريس للانتفاع به في فصل الصيف، وذلك بوضع البرسيم الذي جفف في مكان مرتفع على شكل دائرة قطرها عشرة أمتار فوق طبقة من الحطب علوها متر، ويضغط على البرسيم بدوس العمال فوقه، وفي اليوم التالي توضع طبقة أخرى، وهكذا حتى يصل ارتفاع كومة البرسيم إلى عشرة أمتار على الأكثر، ويلاحظون تقوية محيط الكومة بلف حبال من نفس البرسيم على شكل جدايل حول المحيط.
وبعد الانتهاء من وضع الطبقة الأخيرة يدهن سطح الكومة الخارجي بالطين المخلوط بالتبن، وذلك لمنع تسرب الهواء إلى الكومة وتقليل حدوث التعفن فيها، وتترك الكومة إلى حين الاحتياج إليها، ومن الطبيعي أن عصارة البرسيم الأخضر تسيل من الكومة فيجب عمل مجرى بسيط لتوصيلها إلى حفرة أو مصرف، والبرسيم المحفوظ على هذه الصورة يسمونه سيلاج من كلمة Ensilage الفرنسية، وهو يكون بني اللون، وذا رائحة غير مقبولة، ولذلك فإن الماشية لا تستسيغه في المبدأ ثم لا تلبث أن تتعود عليه فتأكله.
وهو قبل علف المواشي به يجب تهوئته مدة ساعتين على الأقل، والسيلاج قليل المواد المغذية، لأن البروتيئنات تتحول إلى حوامض أمينو وسكريات تصنع في السائل الذي يفرز منه، ويقدرون ما ينتج من الدونم الواحد من السيلاج بخمس البرسيم الذي يعطيه، مع العلم بأن بعضه الموجود في أرض الكومة يتلف بنسبة 5٪، وإحدى المزارع النموذجية المشتغلة بصناعة الألبان في الإسكندرية عملت صوامع ضخمة من الإسمنت المسلح بنظام خاص على شكل المطامير Silos المعروفة والمستعملة كثيراً في أوربا وأمريكا، وأمكنها حفظ البرسيم فيها لمدة سنة دون حدوث تلف فيه، وذلك بإضافة مادة تسمى بنتستا (خامس كلورور الحديد) ومواشيها تتغذى عليه بسهولة.
استحصال البذور
من أراد الحصول على بذور البرسيم يخصص منه المساحة التي يريدها، ويترك هذه بعد الحشة الأخيرة التي تجري في أوائل حزيران إلى أن يكبر ويزهر ويثمر خلال شهرين.
والبرسيم يكون بذوره في أواخر تموز، حيث يتبدل لونه إلى البني الغامق، ومتى نضجت البذور فإنها تحصد، ويكون ذلك عادة بعد حصاد القمح والشعير، ويحصد البرسيم في الصباح الباكر حين وجود الندى عليه، فإذا اشتد الحر وزال الندى توقف العملية خشية فرط الحبوب من السنابل، والبرسيم المحصود يجعل على هيئة أكوام في صفوف منتظمة، ثم ينقل إلى البيدر ويدرس إما بالنوارج أو بمكنات الدراس، وإذا درس بالنوارج يذرى لفصل البذور عن التبن، ثم تغربل البذور لتخليصها من بذور الأعشاب الضارة التي تقدم ذكرها.
ويشترط في البرسيم المغربل ألا تقل درجة نقاوته عن 23 قيراطاً، والتين المتخلف من عملية الاستبذار يكون لونه مائلاً للحمرة ويسمونه تبن ربابية، أو تبن أحمر، وهو قليل الغذاء خشن، يستعمل في ضرب اللبن فقط، وكان سعر الكيلو من بذور البرسيم في صيف سنة 1950 في دمشق 60 قرشاً سورياً، ارتفع هذا السعر وقتئذ على أثر طلب بذور البرسيم إلى فرنسا فصدر منه نحو عشرين طناً.
الغلة
تختلف اصناف البرسيم بعضها عن بعض في مقدار ما يغله الدونم الواحد من الكلأ الأخضر أو اليابس والبذور ففي مصر يقدرون الغلة حسب الجدول الآتي:
وفي غوطة دمشق يبلغ وزن كل حشه من البرسيم المسقاوي الذي يزرع فيها أقل من معدل مصر أي: نحو 1250 كغ.
اعداء البرسيم: حشراته وامراضه في مصر
يصاب بدودة ورق القطن، وهي تتغذى بأوراقه وأزهاره الطرفية، وضررها الأشد حينما يكون صغيراً فتقضي عليه بالمرة وتسبب خسارة فادحة للزراع، وإذ يضطرون إلى تكرار زراعته وإلى ارتباكهم في تغذية مواشهم، وتحملهم نفقات عظيمة الارتفاع ثمن التبن والفول تبعاً لقلة وجود العلف الأخضر، يعالجون الحقول المصابة بغمرها بالماء وتركها ليلية أو ليلتين فتطفو الديدان فوق الماء المذكور فيزيد تلف اليدان، وقد يسيرون فوق البرسيم ميطدة (ملاسة) ثقيلة تقتل الديدان الموجودة على النباتات.
ويصاب البرسيم أيضاً: بالدودة القارضة، لكنها لقلتها لا يكون تأثيرها محسوساً، وإذا زادت تعالج بسير الميطدة المذكورة.
وتصاب بذور البرسيم بالسوس، الذي يعالج بتبخير المخازن.
وفي ضواحي دمشق يصاب بالهندباء البرية، وهي تنمو جنبه وتزاحمه وتكاد تشغل نصف أرضه، والفلاحون يدعونها تترعرع فيقلعونها ويأكلونها، والأفضل أن تكون بذور البرسيم نقية من بذور الهندباء، وذلك بأن تصول قبل زرعها، فبذور الهندباء تعوم لخفتها فترتفع، أما بذور البرسيم فتفرق لنقلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق