المعاومة في الأشجار المثمرة

المعاومة في الأشجار المثمرة

المعاومة أو تبادل الحمل الثمري alternate fruit bearing في الأشجار المثمرة، هي تعاقب سنين غزيرة الإنتاج الثمري on year بعد أخرى قليلة off year، أو ينعدم الحمل فيها كلياً.
أسبابها وعلاقتها بالخصائص الحيوية للأشجار
إن عدداً من أصناف الحمضيات، وكثيراً من أصناف التفاحيات، ونخيل البلح والزيتون والمانجا والكاكي والبيكان والزبدية وبعض أصناف اللوزيات والفستق الحلبي، تظهر معاومة واضحة، ويقل ظهورها أو ينعدم عند بعض أنواع الأشجار المثمرة الأخرى، مثل معظم أصناف الحمضيات والنبق والسدر وبعض أصناف اللوزيات.
يتأثر وضوح هذه المعاومة بالدرجة الأولى بالعوامل البيئية وعمليات الخدمة الزراعية من تقليم وتسميد خاطئين، أو من إهمالها، إلى جانب كون هذه الظاهرة صفة وراثية تتوارثها أجيال الأنواع والأصناف، وقد تعود إلى الحمل الثمري الزائد، أو إلى الإصابات الحشرية أو المرضية، أو إلى أمراض فيزيولوجية تُصاب بها الأوراق والأزهار فتؤدي إلى أضرار جسيمة لها وللثمار العاقدة، فينعدم المحصول أو يقل بدرجة كبيرة.
تعد المعاومة اقتصادياً من الظواهر السلبية التي تواجه مزارعي الأشجار المثمرة، ففي سنة الحمل الغزير، تكون ثماره صغيرة ورديئة المواصفات الاستهلاكية والتصنيعية، مقارنةً بالثمار الناتجة من أشجار مماثلة ذات حمل ثمري طبيعي، هذا إضافة إلى أن غزارة الإثمار تضعف الشجرة وتكسِّر فروعها وأعضاء إثمارها بسبب ثقل الثمار. تختلف تأثيرات هذه الظواهر حسب أنواع الأشجار المثمرة، ولكنها تشترك جميعها في استنفاد المدخرات الغذائية من الأشجار في سنة حملها الغزير وعدم قدرتها على تكوين البراعم الزهرية اللازمة للسنة القادمة. ويمكن أن يكون تبادل الحمل الثمري عاماً أو جزئياً حسب السنة التي تلي سنة غزارة الإنتاج الثمري، مما يؤدي إلى إعاقة الاستثمار اقتصادياً، وتثبيط المزارع عن تنفيذ الخدمات الزراعية اللازمة لأشجاره من تربية وتسميد ومكافحة الآفات وري وغيرها، والتي تتطلب نفقات باهظة، إذ لن تتوافر الإمكانية اللازمة لتعويضها مادياً في نهاية الموسم الإنتاجي.
دورية الحمل الثمري في الأنواع والأصناف
تتخذ المعاومة مظهرين سلبيين، الأول: يخص غياب الإزهار أو قلته على نحو كبير، وثانيهما: إزهار طبيعي لا يليه عقد ثمري مع أن عوامل المحيط الخارجي تكون ملائمة له. ويختلف هذان المظهران بمؤشراتهما الخارجية، إلاّ أنهما يتماثلان تماماً فيزيولوجياً، إذ إن سببهما الأساسي يعود إلى عدم كفاية التغذية في أثناء سنة الإنتاج الغزير لتكوين براعم زهرية متكاملة البنية والقوة النمائية والخلايا التناسلية في نهاية فصل الشتاء، ومن ثم فإن الأشجار تزهر ولا تثمر، ويكون العامل المحدد لذلك التغذية الآزوتية والكربوهيدراتية وتوازن نسبتهما، وذلك لأن منتجات التمثيل اليخضوري قد استنفدت في تكوين محصول السنة السابقة.
قد تبين تجريبياً، على سبيل المثال لا الحصر، أن نسبة البراعم الزهرية المتكونة في صنف التفاح رونيت الشامبانيReinette de Champagne بلغت نحو 27-52% من المجموع العام للبراعم المتكونة الزهرية والخضرية في الأشجار المعتنى بها جيداً، والتي تثمر سنوياً من دون معاومة، في حين راوحت هذه النسبة بين 82 و88% في الأشجار ذات الحمل الثمري المعاوم، كما سادت فيها أعضاء الإثمار المسِّنة على الفتِّية، وتبين أن تكوين الطرود الخضرية والثمرية سنوياً هو العامل المحدد لإنتاج ثمري أعلى ولحياة أطول لأنها توفر مساحة ورقية أكبر، ومن ثم تمثيلاً يخضورياً أعلى فيها، مما يوفر إثماراً سنوياً جيداً.
وقد أثبتت التجارب على أصناف عدة من التفاح أنه للحصول سنوياً على حمل ثمري وعلى ثمار عالية الجودة ينبغي أن يكون تحت تصرف كل ثمرة نحو 40-50 ورقة جيدة، وفي الكرمة ألا يقل هذا العدد عن /8/ أوراق لكل عنقود عنب، وأن تنمو المجموعة الجذرية نسبياً على نحو متساو طوال موسم النمو في فصول الربيع والصيف والخريف، أي على مدى 8-9 شهور وليس 4-5 شهور فحسب، ومن ثم فإن على كل منتج ثمري أن يتبع أساليب الرعاية الملائمة في الأوقات المناسبة، من تغذية وتقليم وتسميد ومكافحة، بغية الحصول سنوياً على نسبة إزهار معتدلة وطرود حديثة وجيدة (تتجددّ سنوياً) وعدد كبير من الأوراق الطبيعية السليمة، إضافة إلى تنويع في أعضاء الإثمار.
الطرائق المتبعة للتغلب على ظاهرة المعاومة أو تخفيفها
 تعود عموماً ظاهرة معاومة الحمل الثمري في الأشجار المثمرة إلى مورثات (جينات) تتعلق بالأصناف من جهة، ومن جهة أخرى بالخدمات الزراعية المختلفة، ولا توجد طريقة معينة يمكنها أن تلغي تماماً هذه الظاهرة في الأصناف التي تميل إلى المعاومة على نحو كبير. لكنه يمكن تخفيف حدتها بإتباع الآتي:
1ـ اختيار الأصناف ذات الحمل الثمري المنتظم سنوياً عند إنشاء البستان والملائمة لموقعه
2ـ منع العقد الزائد للثمار في الأصناف الخلطية التلقيح والتي تعتمد على النحل، مثلاً بإبعاد خلايا النحل أو تقليل عددها في السنة التي يُتوقع فيها حمل غزير.
3ـ الخفُّ المبكرِّ للمحصول الغزير، وهو إجراء أكثر ضماناً لتنظيم الحمل الثمري السنوي، إلاّ أن ذلك يستلزم جهداً ووقتاً ومصاريف غير قليلة.
4ـ في حال كون الصنف التجاري ضعيف التوافق الذاتي تلقيحياً؛ ينصح بإدخال أصناف ملقحة أكثر توافقاً في تجمعاتها الاقتصادية، فمثلاً يدخل صنف الزيتون الصوراني أو القيسي بنسبة 10% مع الصنف الزيتي، أو تطعيمه بأحدهما لضعف نسبة تلقيحه الذاتي، مما يوفر إخصاباً جيداً ويزيد نسبة الثمار الطبيعية، وكذلك الأمر فإنه ينبغي اصطفاء صنف النخيل الذكر (الفحل) المناسب لتلقيح أشجار الأصناف المؤنثة، والأصناف الذكرية المناسبة للفستق الحلبي والمتوافقة لتلقيح أشجار أصنافه المؤنثة.
5ـ الخدمات الزراعية التي يمكنها التحكم بظاهرة المعاومة مثل التقليم والتسميد الآزوتي والخف الثمري والتحليق يمكن إيجازها وفق الآتي:
أ ـ التقليم: يفيد في إزالة جزء من البراعم الزهرية في سنة الحمل الغزير مما يقلل من إجهاد الشجرة ويجعل حملها الثمري مقبولاً في السنة المقبلة، أما في سنة الحمل الثمري الخفيف، فإن التقليم الخفيف أو المتوسط السوية يؤدي إلى فتح قلب تاج الشجرة للضوء، ويزيد من نسبة عقد الأزهار فيها، ومن ثم ينظم الحمل الثمري توازنياً في السنة المقبلة ويقلل الحمل الزائد فيها.
الشكل (1) عملية التحليق في العنب
ب ـ التسميد الآزوتي: وذلك بتقليل كمية الآزوت في سنة الحمل الثمري الغزير قبل إزهار الأشجار، فيؤدي إلى خفض عدد الثمار العاقدة، ومن ثم إلى زيادة عدد البراعم الزهرية التي تتمايز في العام المقبل، أما في سنة الحمل الثمري الخفيف، فينبغي تقديم كمية كافية من الآزوت في فصل الربيع بغية الحفاظ على قوة نمو الأشجار على نحو جيد وتنشيطها لتلبية حاجات الثمار في السنة الجارية، وزيادة عدد الثمار فيها والحصول على إزهار وإثمار معتدلين في السنة المقبلة.
ج ـ الري [ر. الري في الزراعة].
د ـ خفّ الأزهار والثمار: أثبتت التجارب بأن تمايز البراعم الزهرية (والذي يضمن محصول العام التالي) يحدث مباشرة في أثناء مدة قصيرة لمرحلة إزهار العام الحالي (أي قبله بسنة كاملة تقريباً)، ويختلف موعد هذا التمايز بحسب الأنواع والأصناف وموسم النمو في المنطقة المعينة، ومن ثم فإن خفّ (تقليل) عدد الأزهار والثمار العاقدة على الشجرة المثمرة في العام الجاري سيوفر الغذاء الكافي وتوجيهه نحو تكوين البراعم الزهرية اللازمة لمحصول العام التالي، بدلاً من استنفاده في نمو الحمل الثمري الزائد في العام الجاري. كما أن هذا الخف يزيد من المسطح الورقي لكل ثمرة متكونة ويوفّر لها الغذاء اللازم مع إمكان تخزين كمية جيدة من الغذاء لتكوين براعم العام المقبل، ويؤدي ذلك إلى حدوث نوع من التوازن الإغتذائي بين الثمار العاقدة في السنة الجارية والأزهار التي ستتكون في السنة المقبلة.
تجري عمليات الخفّ يدوياً أو ميكانيكياً، وأكثرها رواجاً هو الخفّ الكيمياوي بالهرمونات أو ببعض المركبات الكيمياوية المتخصصة [ر. منظمات النمو]، وينبغي إجراؤها وفق أصول معينة ومدروسة لكل صنف من أصناف الأشجار المثمرة؛ لأن الخفين الزائد أو الضعيف غير المؤثر لن يجديا نفعاً في تقليل صفة المعاومة، وترش الأشجار عامة في مرحلة الإزهار وينصح باستعمال أوكسينات auxins، مثل نفتلين أسيتاميد naphthalene acetamide ونفتلين حمض الخل naphthalene acetic acid (NAA)، وذلك في أثناء أسبوعين بعد الإزهار الأعظمي، أو بعد سقوط بتلات الأزهار، وبتركيز يختلف حسب الأصناف. كما يمكن خف الأزهـار باستعمال هرمونات أخرى مثل: ألفا نفتيل أسيتاميد naphthalene acetamide (NAAMID) وEthephonوChloro -3- Phenoxy propionic acid (3C P A)  وغيرها.
هـ ـ التحليق: يساعد على تجميع المواد الكربوهيدراتية فوق المنطقة المحلقّة، وعلى مد الأزهار بالغذاء اللازم لإزهارها وعقد ثمارها ونموها على نحو جيد، وتستجيب أشجار المنجا والعنب وغيرها لهذه التقنية وتزيد حملها الثمري ( الشكل 1).
و ـ تنويع أعضاء الإثمار: من حيث النموذج والعمر بالتربية الشجرية المتخصصة، وبحسب  الخصائص  الحيوية للأصناف، ولاسيما عند التفاحيات واللوزيات .
ز ـ مكافحة الآفات المختلفة بأسلوب فعال: [ر. المكافحة الحيوية، المكافحة المتكاملة] ومن ثم فإن التغلب عموماً على ظاهرة المعاومة أو العمل على تخفيف حدتها يعدّ مهماً جداً بغية الحصول على إنتاج ثمري أعلى جودة وكمية، وعلى دخل مادي منتظم وتزويد الأسواق بحاجاتها الاستهلاكية المنتظمة سنوياً ومن دون حدوث فائض قد يؤدي إلى تخفيض كبير في الأسعار.
ولا شك فإن اتباع أي من الطرائق المسبقة الذكر، يتطلب التجربة المسبقة على الصنف المحدد، ومراعاة الخصائص الفيزيولوجية والبيولوجية والصفات الوراثية للأنواع وأصنافها.

هشام قطنا
الموضوعات ذات الصلة:
التسميد ـ تغذية النبات ـ التسميد ـ التقليم الشجري ـ الري في الزراعة، العقم النباتي ـ المجموعة الجذرية الشجرية ـ المجموعة الخضرية الشجرية ـ المكافحة الحيوية ـ المكافحة المتكاملة.
مراجع للاستزادة:
ـ محمد وليد لبابيدي، بيولوجيا الإزهار وتبادل الحمل (المعاومة) في أشجار الزيتون (منشورات مجلة المهندس الزراعي العربي العدد 21، 1988).
ـ هشام قطنا وآخرون، فيزيولوجيا الفاكهة (منشورات جامعة دمشق 1989).
ـ إبراهيم عاطف محمد، أشجار الفاكهة - أساسيات زراعتها وإنتاجها (منشأة المعارف، الإسكندرية 1998).
- V.A. KOLESNIKOV, Fruit Biology (Mir Publishing 1975).
- JEAN BRETAUDEAU, Atlas d‘arboriculture fruitière (J.B. Baillière, Paris1985).


 - W.H CHANDLER, Evergreen Fruit Trees (Translated to Arabic - Publishing by Arabic House, Cairo 1991).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

التربة وقيمة pH

يوجد نوعان من مقاييس pH لقياس التربة، مقاييس حموضة يتم إقحامها في الأرض ومقاييس pH تقيس الماء والتربة المختلطان في سائل عائم. القانون اليابا...

المشاركات الشائعة