التحصين الواقي من
الأمراض السارية المستوطنة
مقدمة:
حقق التحصين الواقي تفوقاً كبيراً على سائر وسائل مكافحة الأمراض السارية، واحتل مركزاً طليعياً في خطط الرعاية البيطرية. فهو وسيلة أساسية لإعداد الجسم على نحو يحول دون تمكن العوامل الممرضة من غزوه أو السيطرة عليه، وإجراء وقائي وضروري لوقف تسرية الأمراض وحماية صحة الإنسان والحيوان من أخطارها.
وتتضمن البحوث التالية بيان القواعد والأصول الفنية المتعلقة بفوائد التحصين الواقي، وكيفية الإعداد لإجرائه والتعريف باللقاح، وأصول حفظه واستعماله، والتخطيط لعملياته، وضرورة رعاية الحيوانات عند التلقيح وبعده، والآثار المفيدة والمرضية الناشئة عنه وشروط نجاحه.
البحث الأول: ظاهرة المناعة وفوائد التحصين:
أولاً: ظاهرة المناعة:
لايصاب الجسم[1] بالمرض الساري الذي شفي منه قبل مضي مدة معينة على شفائه، والسبب في ذلك أن الإصابة تترك لديه مناعة Immunity ضد نفس وع العوامل المرضية[2] التي كان مصاباً بها، فإذا ضعفت هذه المناعة أو زالت عاد الجسم مهيئاً للإصابة.
وقد لحظ كذلك أن الإصابة الخفيفة بالعوامل المرضية تحدث نتائج مناعية مفيدة بدون أن تظهر علائم المرض. من ذلك مثلاً أن القائمين على حلابة حيوانات مصابة بالجدري قد تنتقل إليهم عوامله المرضية أثناء الحلابة من خلال الجروح والخدوش الموجودة في الأيدي لتنفذ إلى الدم وتتفاعل مع الجسم مكونه لدينه مناعة ضد الجدري، حيث لايصاب هؤلاء الحلابون بمرض الجدري طالما بقيت المناعة متوافرة لديهم ضده. لفتت ظاهرة المناعة هذه إلى ضرورة الاستفادة منها في الوقاية من الأمراض، فأظهرت البحوث العلمية :
1- أن الجسم يقاوم العوامل المرضية التي تغزو أنسجته بنشاطات متعددة أهمها تكوين أجسام مضادة Antibodies تتولى إحباط تأثير العوامل المرضية والمساعدة على التخلص منها.
2- إمكانية استحداث هذه المناعة في الجسم وتكوين الأجسام المضادة لديه بطريقة اصطناعية دون إمراضه، وذلك عن طريق إعطائه كميات نظامية من العوامل المرضية المضعفة أو الميتة أو ذيفاناتها المعدلة[3] وفق الأصول الفنية المعتمدة.
أنواع ظاهرات المناعة:
هناك ظاهرات مناعية متعددة، بعضها فطري (خلقي) والآخر مكتسب:
1- المناعة الفطرية (الخلقية): هذه المناعة صفة متوارثة لها أشكال متعددة، أهمها :
أ- مناعة النوع: لاتصاب بعض المخلوقات، مطلقاً ببعض الأمراض مهما كانت ضراوة العوامل المرضية التي تتعرض لها، فالفصيلة الخيلية مثلا لاتصاب بالحمى القلاعية، خلافاً للأبقار والأغنام ، ثم أن هذه الأخيرة لاتصاب بالرعام الذي يصيب الفصيلة الخيلية.
ب- مناعة العرق: يلحظ هذا النوع من المناعة عند الإنسان، إذ توجد لدى بعض أجناسه مناعة ضد الأمراض أقوى من وجودها عند الأجناس الأخرى، فالعرق الأسود (الزنوج) أقل مناعة للإصابة بالسل من العرق الأبيض. ثم أن الإناث يمتلكن أحياناً مناعة أشد من مناعة الذكور ضد بعض الأمراض، كانخفاض نسبة إصابتهن بمرض الجدري عن نسبة إصابة الذكور.
ج- مناعة الأنسجة : تتفاوت حساسية الأنسجة وتأثرها بالسموم والعوامل المرضية، فقد يتأثر بعضها بنوع معين من هذه العوامل، في حين لايكون لنفس النوع أي تأثير على النسج الأخرى. فالأنسجة العصبية مثلاً تتأثر بذيفانات الكزاز[4] بينما لايتأثر بها الغشاء المخاطي للمعدة، حيث يعطل بالأحماض الموجودة فيها ...
2- المناعة الفعالة بعد العدوى: يبقى الجسم بعد الشفاء من مرض ساري منيعاً ضد العامل المرضي المسبب لنفس المرض، وتختلف مدة المناعة هذه باختلاف العوامل الممرضة المسببة .
فبعض الأمراض الفيروسية تخلف مناعة طويلة تدوم مدى الحياة، في حين أن أمراضاً أخرى لاتترك إلا مناعة محدودة ، كالمناعة ضد الحمى القلاعية التي قد تدوم سنة وأكثر بعد الشفاء.
3- المناعة الفعالة المستحدثة: يستحدث هذا النوع من المناعة بإعطاء الجسم الذي يراد تحصينه ضد مرض معين جرعة نظامية من العوامل الممرضة أو ذيفاناتها المعدلة، بحيث تنشط هذه العوامل أو الذيفانات المعدلة المعطاة تكوين للأجسام المضادة في الجسم دون أن تكون قادرة على إحداث المرض.
تسمى المادة التي تعطى لاستحداث المناعة (اللقاح) وتسمى عملية إعطائه إلى الجسم (التحصين) أو (التلقيح).
ثانياً : فوائد التحصين الواقي:
التحصين الواقي وسيلة أساسية للحفاظ على حياة الحيوان ووقايته من الأمراض السارية، وهو ضروري لوقف انتشار هذه الأمراض ومكافحتها، من آثاره المفيدة:
1- إعطاء الحيوانات الملقحة مناعة ضد الأمراض السارية الجماعية التي تلقح ضدها ووقايتها من أخطار الإصابة بها. وفي ذلك ضمان لحفظ صحتها وبقائها واستمرار نشاطها وتنمية إنتاجها.
2- حماية صحة الإنسان من العدوى بالأمراض المشتركة التي تنتقل إليه من الحيوانات المصابة حيث يحول التلقيح دون انتشار بؤر الأمراض، وتصبح الصحة العامة أقل تعرضاً للعدوى.
3- التلقيح الواقي أساسي وهام لحماية مشاريع الإنتاج الحيواني وتحقيق نجاحها الاقتصادي ، ويلحظ ذلك بوضوح في مشاريع تربية الدواجن، حيث يؤدي الإخلال بتطبيق برامج التلقيح إلى مفاجآت مرضية وخسائر غير مرغوبة.
4- التحصين الواقي مساهمة عملية وضرورية في إنجاح خطط التموين لأنه يؤمن سلامة الحيوانات ومنتجاتها، ويجعل المصادر الغذائية والمواد الحيوانية اللازمة للتغذية والاقتصاد سالمة متوفرة للمستهلكين وللمشاريع الاقتصادية (الصناعية والتجارية).
ثالثاً: الآثار التطبيقية للتحصين الواقي:
أدت فوائد التحصين الواقي أن توجه إليه عناية كبيرة وأن تكون له آثار تطبيقية عديدة، منها :
1- زيادة الاهتمام في تحضير لقاحات جديدة وجيدة لمختلف الأمراض السارية، ففي الوقت التي تراجعت فيه أهمية المعالجة لتحتل مركزاً ثانوياً لاحقاً (وعلى الأخص في تربية القطعان الكبيرة) ، خطت إجراءات الوقاية خطوات واسعة لتحتل بجدارة المركز الأول في برامج المكافحة، واتخذ التحصين الواقي المركز الطليعي بين سائر إجراءات الوقاية الأخرى.
2- اعتبار التلقيح الواقي من قواعد النظام العام order public التي لايجوز الاتفاق على خلافها وإلزام الجميع بإجرائه وفرض عقوبات مناسبة بين المتخلفين.
ويلحظ إن إلزامية التحصين الواقي قد دخلت كقاعدة آمرة [5] في معظم التشريعات الصحية البيطرية المعاصرة محلياً وعالمياً، لأن التحصين يحقق هدفاً إنسانياً مطلوباً في كفالة ضروريات الناس الصحية والغذائية والاقتصادية.
3- تركزت خطط الصحة الحيوانية على تنفيذ برامج التلقيح لأنها من المصلحة العامة التي تعم فائدتها سائر المشاريع ويستفيد من تطبيقها معظم الناس.
البحث الثاني:إعداد الحيوانات للتلقيح:
لاتلقح الحيوانات إلا إذا كانت في ظروف بيئية حسنة وحالة صحية جيدة. أما إذا كانت تعاني من سوء التغذية، أو من إصابة طفيلية شديدة، ومن انحراف في الصحة، أو إذا كانت تعيش ظروفاً جوية أو بيئية سيئة ، فيؤجل تلقيحها إلى وقت مناسب.
ذلك أن مثل هذه العوامل تسيء في ذاتها إلى الحيوان وتؤدي إلى هبوط مقاومته، فإذا لقح على الرغم من سوء ظروفه وحالته العامة فإن معاناته ستزداد سوءً وبالتالي فإن التلقيح لايحقق أهدافه المفيدة بل ينعكس بآثار ضارة وسيئة.
وتتحرى الشروط الملائمة للتلقيح على النحو التالي:
أولاً: علائم الصحة المناسبة للتلقيح:
وتفحص الحيوانات قبل التلقيح فحصاً عاماً لتبين مدة استعدادها وقدرتها على تلقي اللقاح، وتعد مهيأة للتحصين إذا توفرت لديها الشروط التالية:
1- أن لاتبدي وهناً أو أعراضاً مرضية دالة على الإرهاق وسوء الصحة: كارتفاع درجة حرارتها عن معدلها الطبيعي[6].
ويذكر أن درجات الحرارة الطبيعية عند الحيوانات السالمة هي :
أنواع الحيوانات
|
درجات حرارتها الطبيعية بالمقياس المئوي
|
الأغنام
|
38.5-40
|
الماعز
|
38.5-40
|
الأبقار الفتية حتى عمر سنة
|
38.5-40
|
الأبقار التي تجاوزت السنة
|
37.5-39.5
|
الخيول والحمير
|
37.5-38.5
|
البغال
|
38.8-39
|
الدجاج
|
40.5-43
|
الكلاب
|
37.5-39
|
القطط
|
38-39.5
|
كذلك ينبغي أن لاتكون الحيوانات المعدة للتلقيح هزيلة أوبادية الخمول ( خلافاً لوضعها المألوف) ، أو مصابة بأحد الأمراض السارية أو الطفيليية. فمثل هذه الحيوانات المريضة تعالج أولاً، ومن ثم يجري تحصينها.
2- أن لاتكون متقدمة في الحمل، لأن الأنثى في هذه الحالة تكون مجهدة فيزيولوجياً فإذا لقحت وهي كذلك فإن من المتوقع غالباً أن تجهض. أما الدواجن فينبغي ترتيب مواعيد مناسبة لتلقيحها، بحيث لايؤثر ذلك على دورة إخصابها.
3- إن يكون الحيوان قد بلغ عمراً ملائماً: بحيث تتمكن أجهزته المختصة من تكوين الأجسام المضادة اللازمة لحماية الجسم. فالجهاز البطاني الشبكي[7] لايكون قادراً على مباشرة وظيفته المناعية هذه إلا عند بلوغ المواليد حداً معيناً من العمر يختلف حسب نوع الحيوان.
أما غدة المخرج[8] عند الدواجن، فإن لها أهمية كبيرة في تشكيل الأجسام المضادة لديها وتكون مهيأة للعمل في وقت مبكر بعد الفقس. ولقد لوحظ هبوط المقاومة وتعطل تشكيل الأجسام المضادة لدى الدواجن التي تصاب غدة المخرج لديها، مما يؤكد دور هذه الغدة في إحداث المناعة.
إن أنسب الأعمار لبدء برامج التلقيح هي التالية :
أنواع الحيوانات
|
أعمارها الملائمة لبدء أول تلقيح
|
الأغنام والماعز
|
بعد الشهر الثالث
|
الأبقار
|
بعد الشهر السادس
|
الحيوانات الفرسية
|
بعد الشهر السادس
|
الدواجن
|
من 1-3 أيام
|
الكلاب والقطط
|
بعد الشهر الثالث
|
ثانياً: اثر البيئة في نجاح التحصين:
لاتساعد الظروف البيئية السيئة على نجاح التحصين ، لأنها تضعف مقاومة الحيوان وتجعله غير كفؤ لتلقي اللقاح والتفاعل معه.
فالإرهاق ، والطقس الرديء ، والمساكن العشوائية التي لاتراعى فيها قواعد الصحة، وإهمال التهوية، وانعدام التدفئة، وسوء الرعاية... كلها عوامل بيئية ممرضة تسيء إلى صحة الحيوان وتنعكس بآثار ضارة عليها، وتؤدي إلى اضطرابات في وظائف الأعضاء وإحباط لنشاط الأجهزة المولدة للأجسام المضادة وعلى الأخص الجهاز البطاني الشبكي وغدة المخرج Bursa of fabricius عند الدواجن.
إن اللقاح لن يكون وحده كافياً للوقاية إذا لم تتوفر للحيوان بيئة حسنة تؤمن له شروط استمرار بقائه ككائن حي.
لذلك ينبغي أن توجه العناية إلى تأمين ظروف بيئية مناسبة تضمن عدم إرهاق الحيوان وحسن قيام أعضائه بوظائفها الفيزيولوجية. وينصح بعد إجراء التلقيح قبل التأكد من حسن صحة الحيوان وجودة مقاومته.
ثالثاً: أثر الغذاء والماء:
للغذاء والماء أهمية كبرى في حفظ صحة الكائنات الحية جميعاً، وتوازن وظائفها الفيزيولوجية واستمرار بقائها. وهما مفيدان على الأخص في رفع قدرة جسم الإنسان والحيوان على مقاومة الأمراض, وقد وضعت أسس نظام الحياة هذه منذ النشأة الأولى على وجه الأرض . وفي القرآن الكريم عدة نصوص تلفت إلى ذلك:
1- فالماء عنصر أساسي في تركيب كل شيء حي.
2- والماء ضروري لإنبات الزرع.
3- ثم أن الماء والزرع مخصصان لتغذية الإنسان والكائنات الحية وحفظ بقائها.
فإذا لم يحظ الكائن الحي بنصيب كاف من الغذاء والماء فإنه:
1- يضعف وتنخفض مقاومته، ولاتستطيع عضويته الاستمرار في أداء مهامها بصورة سوية.
2- تضطرب وظائف أعضائه ويصبح تنفيذها صعباً وشاقاً.
ثم أن تلقيح الحيوانات التي تعاني من الجوع أو العطش يزيد من حالتها سوءً لأن تفاعل الجسم مع اللقاح يحتاج إلى قدرة وهذه لاتتوفر على النحو المطلوب في حالات نقص التغذية والعطش، فلابد من تأمين هذين العنصرين الأساسيين أولاً ومن ثم مباشرة التلقيح.
رابعاً: أثر أخطاء الرعاية الصحية:
ينبغي أن تتم الرعاية الصحية البيطرية بإشراف الفنيين البيطريين، وحتى لاتؤدي الأخطاء الفنية البيطرية إلى نتائج سيئة.
فاستعمال المضادات الحيوية مثلاً على نحو مخالف للأصول الفنية يؤدي إلى تأثيرات سيئة على الجسم واللقاح، وقد يكون لذلك أثر في تثبيط تكوين الأجسام المضادة. كذلك فإن استعمال المطهرات مع اللقاح قد تؤدي إلى إتلافه فلا تتحصل منه أية فائدة.
ومن أخطاء الرعاية البيطرية أن تعطى الحيوانات جرعة لقاح أقل من الجرعة النظامية فلايكون لها أي تأثير وقائي. أو أن تعطى اللقاحات في ظروف غير مناسبة فتنشأ عن ذلك مضاعفات غير مستحسنة. كذلك فإن تنظيم توقيت استعمال اللقاحات له أهمية كبيرة يعرفها الفنيون البيطريون المتخصصون دون غيرهم ، فإعطاء المضاد لمرض التهاب غدة المخرج[9] يؤدي إلى تأثر هذه الغدة التي تنتج الأجسام المضادة اللازمة للمناعة عند الدواجن وبالتالي فإن التلقيح ضد شبه طاعون الدجاج في نفس التوقيت الزمني لإعطاء اللقاح الأول يؤدي إلى آثار سلبية، ولابد من تنظيم توقيت إعطاء كل من اللقاحين وفقاً للأصول الفنية لضمان حصول الفائدة المرجوة.
البحث الثالث: اللقاح:
اللقاح مادة حيوية معدة لاستحداث مناعة معينة لدى الجسم الذي يعطى كمية نظامية منه، له أنواع عديدة يختص كل منها بمرض معين، وأنواعه هذه في تقدم وازدياد مستمر مع تطور البحوث العلمية.
تصنع اللقاحات بطريقة فنية في المعامل المتخصصة بذلك، وتكون معبأة تحت شروط التعقيم التام، ضمن قوارير (حاويات ) زجاجية محكمة الإغلاق كي لا تتلوث فتفسد.
تفتح العبوة عند التلقيح لتستعمل مباشرة وفق التعليمات الفنية الموضوعة من قبل المعمل المنتج، وتكون التعليمات المشار إليها أو بعضها ملصقة على حاوياتها أو مبينة في نشرات مرافقة لها.
يفيد بعض اللقاحات في عطاء المناعة ضد الأمراض الجرثومية مثل الجمرة الخبيثة ، الجمرة العرضية .. ويفيد بعضها الآخر في التحصين ضد الأمراض الفيروسية مثل : شبه طاعون الدجاج، جدري الغنم. وتكون المادة الرئيسية التي تدخل في صناعتها أما عوامل ممرضة حية لكنها مضعفة بطرق فنية أو ميتة أو منتجات هذه العوامل الممرضة (سمومها).
أولاً: حفظ اللقاحات:
اللقاحات عادة وعلى الأخص الفيروسية منها، مرهفة الحساسية، تتطلب عناية دائمة وحرصاً دقيقاً على توفير الشروط اللازمة لصيانتها والحيلولة دون فسادها وتلفها.
1- أن تحفظ في الجو الملائم لاستمرار فاعليتها ، ويبين وأهم هذه الشروط هي: عادة مايلائم كل لقاح في التعليمات المرافقة له، ويشترط غالباً حفظ اللقاحات في برودة مناسبة، سواء عند التخزين أو النقل أو الاستعمال. فعند التخزين يمكن تأمين ذلك بواسطة الثلاجة ( الكهربائية أو المبردة بالثلج) أما أثناء النقل فتستخدم الثلاجات الحقلية، وهي عبارة عن أوعية بلاستيكية أو معدنية مجهزة بجيوب يعبأ فيها الثلج من أجل تبريد ما يوضع ضمن الثلاجة.
وعند عدم توفرها، توضع زجاجات اللقاح المنقول ضمن غلاف نايلون أو في وعاء، ثم توضع مع غلافها، أو الوعاء الذي يحتوي عليها ضمن وعاء أكبر فيه ثلج يغمر به الوعاء الأصغر من جميع جوانبه. ويحكم الإغلاق كي لا يتعرض الثلج أو اللقاحات للهدر أثناء الحركة أو النقل.
2- أن تطبق بدقة تامة التعليمات الفنية الخاصة بها.
3- أن يراعى حفظها بعيدا ً عن النور، عند اشتراط ذلك في التعليمات.
4- أن لا تفتح القوارير التي تحتوي على اللقاح إلا عند الاستعمال مباشرة كي لا تتعرض للتلوث والفساد.
ثانياً: استعمال اللقاحات:
تراعى عند استعمال الملاحظات التالية:
1- لكل لقاح عمر معين تنقضي فاعليته بانتهائه، لذلك ينبغي الانتباه جيداً إلى تاريخ انتهاء فاعلية اللقاح، بحيث يستعمل قبل انقضائها.
2- يلحظ عدم تعرض اللقاح للمؤثرات التي تفقده الفاعلية، كي يكون استعماله مجدياً في تحقيق أهداف التحصين والوقاية، وتراعى على الأخص الاحتياطات التالية:
أ- عندما يحل اللقاح في الماء الفيزيولوجي المهيأ للحقن أو العادي النظيف المعد للشرب ينبغي استعماله دون تأخير لأنه لايعمر طويلاً بعد الحل، بل يفسد خلال فترة قصيرة، ويصبح غير صالح للاستعمال.
ب- يصطحب اللقاح إلى الحقل ضمن أوساط مبردة محفوظة يختارها الفنيون البيطريون حسب الإمكانيات المتاحة بما يؤمن المحافظة على اللقاح مبرداً لحين بدء الاستعمال ويراعى حفظه أثناء الاستعمال الحقلي بعيداً عن النور والحرارة والتلوث.
ج- لاتستعمل المواد المعقمة مع اللقاح لأنها تتلفه، ويلحظ ذلك على الأخص عند استعمال اللقاحات التي تعطى عن طريق الشرب، حيث ينبغي عدم وضع مواد معقمة في المياه التي سيحل بها اللقاح.
3- تطبق التعليمات الفنية الخاصة المتعلقة باللقاح.
ثالثاً: طرق إعطاء اللقاحات:
1- الحقن: الحقن هو إدخال جرعة نظامية من اللقاح إلى نسيج معين في الجسم كي تمتص وتحدث آثارها الوقائية. ويجري باستعمال محاقن فنية تؤمن بواسطتها الغاية المطلوبة وتكون هذه المحاقن مجهزة في مقدمتها بإبر فولاذية لاتصدأ، قابلة للتبديل, وهي مختلفة الأشكال والأنواع وفق الغرض الذي ستعمل من أجله. فبعضها للحقن في النسيج العضلي، وآخر للحقن تحت الجلد، ومنها مايستعمل خصيصاً للحقن في الأدمة. ويحتاج حقن اللقاحات إلى جهد كبير عندما يكون عدد الحيوانات التي يطلب تلقيحها كبيراً. فمن الصعب بمكان ليس عملياً ، تلقيح عشرات ألوف الدواجن مثلاً وضبط الجرعات النظامية لكل واحدة منها بواسطة محقن عادي. لذلك فإن تلقيح مثل هذه الأعداد الكبيرة يكون باستعمال محاقن آلية ذاتية الحركة Automatic multidose syringe تفيد في إجراء التلقيح المتعدد المتوالي [10] وتجمع بين المزايا التالية:
أ- تجهيزها بخزان يستوعب كميات كبيرة من اللقاح المعد للحقن
.
ب- قدرتها على معايرة الجرعة النظامية اللازمة للتلقيح آلياً بصورة ذاتية بعد كل تلقيح.
ج- سهولة الاستعمال وعدم التعقيد.
فمثل هذه المحاقن الآلية لايتطلب استعمالها سوى ملء الخزان باللقاح وتعيير مقدار كل زرقة قبل بداية العمل ومن ثم مباشرة التلقيح بإيلاج إبرة المحقن في النسيج المقصود وفقاً لتعليمات اللقاح وعند وصول الإبرة إلى الهدف يجذب زناد المحقن بواسطة أصابع اليد باتجاه المقبض حتى ينقبض عليه، فإذا انتهى الزرق تبسط الأصابع فيعود الزناد إلى وضعه الطبيعي بتأثير النابض الذي يبعده عن المقبض، ويمتص المحقن من الخزان أثناء العودة هذه ، جرعة نظامية جديدة مهيأة للحقن في عضلة جديدة ويتوالى العمل على هذا النحو بصورة آلية...
2- التلقيح بطريقة الوخز: يمكن إدخال اللقاح إلى الجسم بهذه الطريقة عندما تكون الجرعة النظامية المطلوب إعطاؤها إليه كافية بكميات بسيطة وفق ماتقضي به تعميمات اللقاح، ومثال ذلك التلقيح ضد الدفتريا الجدرية عند الطيور حيث تستعمل لهذه الغاية إبرة ذات فرعين عند طرفها المهيأ لاختراق النسيج.
ويكون التلقيح بأن يحضر محلول اللقاح والطيور التي سيجري تلقيحها، ومن ثم يغطس فرعا طرف الإبرة فيها ليوخز بهما الطرف الغشائي من الجناح وتتكرر العملية على هذا النحو حتى يتم تلقيح كافة طيور القطيع.
3- التلقيح بطريقة التخريش: تستعمل هذه الطريقة عند الحيوانات للتلقيح ضد جدري الغنم، وتجري على وجه الإلية الأنسي الخالي من الصوف وذلك بتخريش سطح الجلد بواسطة مبضع معقم وأداة مخرشة، (بعد تنظيف الموضع وتطهيره) [11] ومن ثم وضع اللقاح على المكان المخرش.
إلا أن هذه الطريقة قليلة الشيوع (الانتشار) ، ويغلب الإجراء بطريقة الحقن في الأدمة بديلاً عنها.
4- التلقيح عن طريق جهاز الضهم (بواسطة ماء الشرب) : تكاد تكون هذه الطريقة خاصة بالدواجن، حيث يمكن بواسطتها تلقيح عدد كبير من الدواجن دون الحاجة إلى مساعدات كبيرة في إنجاز العمل. كما أن هذه الطريقة لاتستدعي الإمساك بالدواجن على التوالي، وتوفر ماينشأ عن ذلك من هياج واضطرابات في المدجنة.
وتراعى عن إجراء التلقيح بهذه الطريقة الملاحظات التالية:
أ- يمنع الماء عن الطيور مدة لاتتجاوز ساعة واحدة إذا كان الطقس حاراً تمتد إلى ساعتين حسب تدني درجة حرارة الجو. وتراعى الدقة التامة في ذلك ، لأن الدجاج وخاصة البياض يتأثر كثيراً بالعطش، فلايجوز أن يمنع عنه الماء أكثر من المادة المبينة أعلاه، لأن ذلك يؤثر على الإنتاج فيظن وهماً بأن اللقاح قد أثر على إنتاج الدواجن ، بينما يكون مرد ذلك في الحقيقة إلى الخطأ في تقدير الزمن الكافي للتعطيش أو الخطأ في ضبط توقيت بدئه وانتهائه.
ب- يحل اللقاح في ماء نقي (صالح لاستهلاك الإنسان) وفقاً للنسب النظامية المقررة في تعليمات استعماله ليقدم مباشرة (بعد الحل) إلى الدواجن العطشى التي ستلقح. ويلاحظ ضرورة استعمال اللقاح المحلول في الماء فترة لاتتجاوز ساعتين على الأكثر بعد الحل.
ج- يحظر وضع المعقمات أو المضادات الحيوية في الماء الذي يحتوي على اللقاح لأن اللقاح وعلى الأخص إذا كان يحتوي على العوامل الممرضة الحية المضعفة سيتأثر ويتلف بهذه المواد.
د- يخصص عدد كافي من المناهل اللازمة لإسقاء جميع الدواجن في وقت واحد.
ه- تستعمل اللقاحات الفيروسية بحرص وعناية، ويلحظ بأن بعضها يؤثر على صحة الإنسان، وقد تحدث آثاراً غير مرغوبة إذا أسيء استعمالها أو إذا انتشرت في الحقل. ويراعى على الأخص إجراء مايلي:
1- تنظيف الأيدي بعد انتهاء التلقيح، ويحرص بصورة خاصة على عدم وصول لقاح شبه طاعون الدجاج إلى أعين الإنسان.
2- العمل بتأني وهدوء وعدم الاستعجال، ومراعاة لأصول فنية في جميع مراحل العمل.
3- بعد الانتهاء من التلقيح تطهر أو تتلف فنياً عبوات اللقاح (القوارير، الحاويات، وأغطيتها..) تفادياً لانتشار المرض عن طريق البقايا التي تحملها الأوعية.
البحث الرابع : خطة التحصين :
تشمل خطة تحصين الحيوانات ضد الأمراض السارية إعداد وتنفيذ مايلي:
أولاً : تحديد الأمراض التي ستجري التحصينات الوقائية ضدها:
تصنف الأمراض السارية التي تتخذ احتياطات الوقاية منها في مجموعتين رئيسيتين هما :
1- الأمراض السارية المستوطنة، وهي في الجمهورية العربية السورية:
اسم المرض
|
الحيوانات التي تصاب به
|
جدري الغنم
|
الأغنام
|
جدري الماعز
|
الماعز
|
الجمرة الخبيثة
|
الأبقار، الحيوانات الفرسية، الأغنام ، الماعز
|
الجمرة العرضية
|
الأبقار
|
التسمم الدموي المعوي عند الأغنام[12]
|
الأغنام
|
الحمى القلاعية
|
الأبقار والأغناك
|
شبه طاعون الدجاج
|
الدجاج والطيور
|
الدفتريا الجدرية عند الطيور
|
الدجاج والطيور
|
2- الأمراض الوافدة التي تظهر أحياناً مثل الطاعون البقري ، طاعون الخيل... ففيما يتعلق بالوقاية من المجموعة الأولى ينبغي أن يكون التلقيح دورياً ، بحيث يؤمن وجود المناعة لدى الحيوان الملقح على مدى الأيام حتى النفوق أو الذبح، وهذا يقتضي معرفة مدة المناعة التي يعطيها اللقاح، كي يجدد التلقيح به دورياً كلما قاربت مدة المناعة ضده على الانتهاء.
أما الأعراض الوافدة فتخصص للوقاية منها عند الإيجاب خطة زمنية تؤمن بواسطتها حماية الحيوانات طيلة فترة نشوب المرض محلياً أو في البلاد التي يخشى أن ينتقل المرض منها إلى الجمهورية العربية السورية.
ويراعى عند حدوث نشبات مفاجئة للأمراض السارية تحصين الحيوانات القابلة للعدوى في المنطقة التي تحيط ببؤرة ظهور المرض[13].
ثانياً : إحصاء عدد الحيوانات التي ستلقح:
يجدر أن تؤخذ بعين الاعتبار عند إحصاء الحيوانات التي ستشملها خطة التلقيح الملاحظات الفنية التالية:
1- يختص كل من الأمراض الحيوانية السارية بنوع معين من الحيوانات[14] لذلك ينبغي إحصاء عدد الحيوانات حسب أنواعها ( الأبقار، الخيول، الأغنام، الماعز، الدواجن..) . وخذا الإحصاء النوعي مفيد في تحديد مستلزمات التحصين من اللقاح ومقداره اللازم لتنفيذ خطة التلقيح[15].
2- لاتتولد الأجسام المضادة في جسم الحيوان الملقح ولا تتحقق لديه الحصانة ضد المرض إلا بعد اكتمال نمو الجهاز المسؤول عن الوظيفة الحيوية الهامة في الجسم، لذلك ينبغي أن يراعى عند إحصاء عدد الحيوانات الجدول الفني المتضمن بيان الأعمار التي يكتمل فيها نمو الجهاز المشار إليه[16]. فتحسب في أرقام الخطة الحيوانات التي تكون قابلة للتلقيح عند تنفيذ برنامج الرعاية الوارد في الخطة.
3- قد يكون لبعض العوامل أحياناً أهمية في تفضيل مباشرة تلقيح عرق معين من الحيوانات قبل العروق الأخرى لأسباب فنية، أو لخصائص عرقية أو لصفات إنتاجية أو غير ذلك .. مما يقتضي اتخذا ترتيب خاص في إجراءات المكافحة[17]. ويحسن أن يتم ذلك بمعرفة وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وأن لاتتدخل التقديرات الخاصة في ذلك تطرأ لدقة الموضوع وأهميته ودوره في حماية المصلحة العامة[18] والمهم في الأمر أن تكون هناك دراسة إحصائية واقعية عن العدد الموجود من كل عرق للاستفادة منها في تحقيق الأغراض المبينة آنفاً.
4- عند إحصاء الدواجن يفرق بين الدجاج البياض دجاج اللحم والفروج ويحصى عدد الصيصان وعدد الطيور البالغة لأن لكل منها برنامجاً فنياً خاصاً وطريقة معينة من التلقيح.
ثالثاً : تحديد توقيت تنفيذ برنامج التلقيح:
يراعى في اختيار توقيت إجراء التلقيح الدوري الظروف الملائمة والشروط الفنية الخاصة بكل لقاح، ويؤخذ بعين الاعتبار على الأخص:
1- أن يكون التوقيت مناسباً ومفيداً في تحقيق الأهداف المطلوبة: وأهمها:
أ- أن تتشكل دورة المناعة عند الحيوانات الملقحة في المواسم المألوفة لحدوث المرض .
ب- أن لاتنشأ عن التلقيح آثار ضارة: فيراعى أن لا يجري التلقيح في الأشهر الأخيرة من الحمل لأنه قد يؤدي إلى الإجهاض، وينصح بعدم إجراء التلقيح في مواعيد النزو والإخصاب حتى لاتضعف الرغبة الجنسية.
ج- أن يجري التلقيح بعد اكتمال نمو الجهاز المسؤول عن تكوين الأجسام المضادة في الجسم (الجهاز البطاني الشبكي) ويعتبر هدراً تلقيح المواليد التي لم تبلغ التوقيت الزمني الصحيح لاكتمال نمو أجهزة الدفاع لديها.
2- يراعى التوقيت المفضل للتلقيح الذي يوصي به المعمل المنتج عادة ويبينه في النشرة المرافقة للقاح أو في بيان ملصق على عبوته.
3- تختار المواعيد الملائمة التي تتحقق فيها الظروف والشروط الملائمة التي ذكرت سابقاً.
4- عند حدوث نشبات مفاجئة للمرض يكون التلقيح حول البؤرة التي ظهر فيها لزامياً. وقد يشمل التلقيح مناطق أوسع من ذلك وفق ماتقتضيه ضرورات الحماية ومنع انتشار المرض.
رابعاً: تحديد مستلزما تنفيذ برامج التلقيح:
يتطلب تنفيذ برامج التلقيح الواقي تأمين مايلي:
1- اللقاح: ويختار منه الذي لم تنقض فاعليته.
2- وسائل حفظ اللقاح (الثلاجات الكبيرة لتخزين الكميات التي تمون تنفيذ الخطة والثلاجات الحقلية لتأمين حفظ اللقاح أثناء النقل وفي الحقل).
3- أدوات العمل : وأهمها المحاقن والإبر الخاصة بها ، القطن، المعقمات، جهاز تعقيم الحرارة.... ويراعى تموين حملات التلقيح باحتياطي من الأدوات وأجزائها للاستعمال عند الحاجة بديلاً عن التالفة.
4- يخصص عدد كاف من الفنيين البيطريين (الأطباء والمراقبين البيطريين) لتأمين التلقيحات الفنية ، ويكلف عدد مناسب من العمال بمساعدة الفنيين في ضبط الحيوانات تحضيرها بوضع مناسب لتلقي اللقاح ، التنظيف ، المساعدة في تحضير مستلزمات العمل التي تساعد على سرعة الإنجاز وتسهيله وتنفيذ ترتيباته المقررة.
خامساً: تنفيذ الخطة:
تنفيذ الخطة وفق برامج تنفيذية وفقاً للأصول الفنية، ويتوقف نجاح التلقيح على حسن التنفيذ وعلى مدى الالتزام بتطبيق الشروط الفنية للتلقيح.
البحث الخامس : آثار التلقيح:
ينشأ عن حقن اللقاح في الجسم آثار متعددة يمكن تصنيفها على النحو التالي:
أولاً: الآثار المفيدة:
يتفاعل الجسم في الحالات السوية مع اللقاح، فتتكون لدية بواسطة الجهاز البطاني الشبكي، وغدة المخرج عند الدواجن، خلال بضعة أيام مواد مضادة للعوامل الممرضة وسمومها تدعى الأجسام المضادة Antibodies ويصبح الجسم منيعاً ضد العوامل المرضية التي يختص اللقاح المحقون بتحريض الجسم على إنتاج الأجسام المضادة الخاصة بها عندما تبلغ هذه الأجسام حداً كافياً في الجسم. ويلحظ بهذا الشأن أمران:
أ- أن نجاح التلقيح يقتضي سلامة الأجزاء والأعضاء التي تتفاعل مع اللقاح لإنتاج الأجسام المضادة. لذلك فإن إعطاء اللقاح ليس إجراء كافياً للوصول إلى الهدف المنشود في تحصين الجسم. بل لابد من ملاحظة الإجراءات الوقائية الأخرى والمؤهلات التي تساند عملية التلقيح وأهمها حسن الرعاية، والتغذية الصحيحة والظروف البيئية الملائمة التي سبق بيانها في مطلع هذه البحوث.
ب- قد تنتقل العدوى إلى الجسم قبل أن يتشكل لديه عدد كافي من الأجسام المضادة، فيظهر المرض رغم إعطاء اللقاح. ذلك أن الأجسام المضادة لاتتشكل آنياً عقب إعطاء اللقاح بل لابد من مضي عدة أيام على التلقيح، فإذا نفذت العوامل الممرضة الضارية إلى الجسم قبل اكتمال وسائل الدفاع لديه، فإنها تكون أقوى من مناعته فتظهر علائم المرض مما يجعل مراقبة صحة الحيوانات وتطور تفاعل اللقاح لديها ضرورياً خلال فترة تشكل الأجسام المضادة التي تعقب حقن اللقاح.
ويمكن تشكيل مناعة فورية لدى جسم الإنسان باستعمال المصل الواقي الذي هو عبارة عن أجسام مضادة مهيأة مسبقاً بطريقة فنية لمواجهة العوامل الممرضة وذيفاناتها ، فإذا حقن الجسم بكمية نظامية فإن يغدو منيعاً.
وتثير هذه الظاهرة اقتراحاً باستعمال المصل الواقي بديلاً عن اللقاح والواقع أن لكل منهما أهمية خاصة به، ولايستعمل المصل إلى في الضرورات القصوى التي تتطلب إعطاء الجسم مناعة فورية وقصيرة.
وتوضح المقارنة التالية بعض خصائص كل منهما:
اللقاح
|
المصل
|
1- ينشط تكوين الأجسام المضادة في الجسم (مولد ضد)
|
1- المصل (بالذات) عبارة عن أجسام مضادة تكون مهيأة جاهزة لمواجهة العوامل الممرضة في الجسم
|
2- يولد مناعة لمدة طويلة
|
2- المناعة لمدة قصيرة
|
3- يعطى قبل حدوث المرض (وقائي)
|
3- يعطى قبل أو أثناء المرض (علاجي)
|
4- يبدأ دوره الوقائي بعد مدة من إعطائه
|
4- دوره الوقائي مباشرة يبدأ بعد إعطائه بمدة وجيزة.
|
5- يولد مناعة فعالة
|
5- يولد مناعة مفتعلة
|
6- رخيص التكاليف (نسبياً)
|
6- غالي التكاليف
|
7- لابد له من فترة تفاعل قبل ظهور آثاره
|
7- تظهر آثاره مباشرة
|
ج- ثم أن شرط اكتمال نمو الأجهزة والأعضاء المسؤولة عن تكوين (الأجسام المضادة) أساسي لإحداث المناعة الفعالة المستحدثة، ويعد وهما توقع تكوين أجسام مضادة إذا كان الجسم غضاً وعاجزاً عن التفاعل مع اللقاح.
والواقع أن الأجسام الوليدة الصغيرة تملك مناعة وراثية منقولة إليها عن طريق الأم، ولكن هذه المناعة لاتلبث طويلاً في الجسم، فلابد من التلقيح فور اكتمال نمو أجهزتها المسؤولة عن تكوين المناعة كالجهاز البطاني الشبكي السابق ذكره وغدة المخرج عند الدواجن.
ولقد لحظ مع توسع اكتشاف الظواهر المناعية للفيروسات (الحمات الراشحة) أنه عندما تحاول حمى راشحة ضارية غزو خلية مصابة مسبقاً بحمى راشحة أخرى سواء كانت هذه الحمى الراشحة السباقة في دخول الخلية من نفس النوع أو مختلفة عنه فإن الحمى الراشحة الضارية الثانية لايمكنها التكاثر في هذه الخلية التي تتواجد فيها الحمى الراشحة الأولى نظراً لأن هذه الحمى الراشحة التي تشغل الخلية تثبط فاعلية الحمى الراشحة الغازية وتمنع تكاثرها في نفس الخلية.
وقد اعتمدت هذه الظاهرة[19] في الوقاية من أمراض شبه طاعون الدجاج والطاعون البقري، حيث تحقن في الحيوان جرعة نظامية من فيروسات حية ذات ضراوة ضعيفة (كفيروسات متداخلة) فإذا تعرض الجسم للفيروس الضاري الممرض من نفس النوع فإن هذا الأخير لايمكنه غزو خلايا الجسم أو التكاثر فيها نتيجة لظاهرة التداخل هذه[20]. فالمناعة هنا لاتتكون اعتماد على تشكل الأجسام المضادة بل اعتماداً على ظاهرة التداخل الفيروسية.
ثانياً : الآثار المرضية للتلقيح:
قد يؤدي تفاعل اللقاح مع الجسم إلى ظهور أعراض مرضية موضعية وعامة لا تلبث أن تزول خلال وقت قصير. إلا أن ظهور هذه الأعراض ليس القاعدة، ، فقد تمر فترة التفاعل دون ظهورها ، ويرجع ذلك إلى خصائص اللقاح المستعمل ، أن يكون لبعضه تفاعلات قوية بينما لايثير بعضه الآخر أعراضاً تذكر.
وينصح في جميع الأحوال أن تؤمن الراحة للحيوانات الملقحة خلال الأيام التي تلي إعطاء اللقاح وحتى انقضاء فترة تفاعله في الجسم، لأن إجهادها وعدم رعايتها يؤديان إلى تعقيدات مرضية لديها وتدهور في حالتها الصحية، وهذا ينعكس بأثر سيء على إنتاجها ، وربما على بقائها.
فينبغي تدارك الأخطار التي تنشأ عن جهاد الحيوانات الملقحة بتأمين راحتها وحسن رعايتها. ويذكر أن من الأعراض العامة التي تنشأ عن تفاعل اللقاح بالذات : ارتفاع الحرارة ، وضعف الشهية والخمول، ونقص الإنتاج، أما الموضعية فتكون بتورم مكان الحقن، أو بظهور التهابات بسيطة في منطقته، وغيرها من الآثار النوعية الخاصة بكل لقاح.
وقد تنشأ تعقيدات جراحية نتيجة تلوث موضع إعطاء اللقاح بالعوامل الممرضة التي تملأ البيئة والتربة، أو عن طريق الأدوات المستعملة إذا كانت ملوثة. وأخطر التعقيدات المرضية تلك التي تنشأ عن إرهاق الحيوانات الملقحة وانخفاض مقاومتها وتعرضها لنشبات وبائية ضارية في فترة إرهاقها وضعفها. لذلك ينصح على وجه التأكيد براحة الحيوانات ورعايتها بعد التلقيح.
ويحظر تلقيح الحيوانات الحوامل في الأشهر الأخيرة من الحمل كي لاتجهض ، ذلك أن تكاثف العوامل المرهقة على الحيوان يؤدي إلى تخلي عضويته عن وظائفها الفيزيولوجية الأساسية بسبب ضعفها وعدم تحملها عبء الاستمرار في أداء الأعمال المرهقة التي توجه الحيوان المثقل. وقد يعقب الإجهاض تعقيدات مرضية يصعب تداويها فينفق الحيوان.
[1] سواء كان إنساناً أو حيواناً.
[2] يقصد بالعوامل المرضية هنا الجراثيم Bacteria والحمات الراشجة Veruses
[3] Anatoxin أو Toxoid وتسمى أيضاً الذيفانات اللاسمية والذيفان المعدل وهوب عبارة عن سموم الجراثيم التي أضعفت سميتها الممرضة. ونذكر هنا أن للذيفانات نوعان بعضها هيولي يكون عالقاً بالخلية الجرثومية ولاينتشر في البيئة إلا إذا ماتت الجراثيم وتحللت ، وبعضها خارجي وهو عبارة عن مواد سامة تفرزها الجراثيم ثم تنشرها في البيئة.
[4] Tetanos
[5] القاعدة الآمرة Regle imperatife هي التي لايجوز الاتفاق على خلافها ، أو التي لم تترك للناس تطبيق سواها.
[6] نلحظ في الأحوال الطبيعية تفاوت حرارة الحيوان خلال اليوم، فهي في الحدود الطبيعية الصغرى عند الصباح بينما تبلغ الحدود الطبيعية العظمى في المساء وتزداد بعد الطعام بساعات قليلة. وتهبط نتيجة تناول جرعات كبيرة من السوائل,. ونلاحظ ارتفاع الحرارة كذلك أثناء دورة الشبق (الهياج الحسي) وأثناء فترة الحمل، ومع ارتفاع حرارة الجو، وعند بذل جهد عضلي.
[7] يتألف الجهاز البطاني الشبكي Reticulum edothehd system من مجموعة الأنسجة والأعضاء التي تنتج الأجسام المضادة في الجسم، ومنها الكبد ، نقي العظام ، الطحال.
[8] Bursa of fabricius
[9] مرض كمبورو Gumboro Disease
[10] For mass vaccination
[11] يلحظ عدم وضع اللقاح على الموضع قبل جفاف المادة المطهرة حرصاً على عدم تلف اللقاح
[12] Buterotoxaemia
[13] إضافة لباقي إجراءات الوقاية المبينة في قانون الضابطة الصحية البيطرية وتعليماته كالحجر، والعزل والتطهير ومنع دخول الحيوانات إلى المنطقة الموبوءة وخروجها منها، وإتلاف البقايا الناقلة للمرض ودفن جثث الحيوانات النافقة حسب الأصول الفنية..الخ.
[14] وفق ماسبق بيانه في البث اأول المتعلق بظاهرة المناعة .
[15] ذلك أن جرعة اللقاح التي تعطى للحيوانات الكبيرة تختلف عن تلك التي تعطى للصغيرة فالخيول ومثلها الأبقار (وهي من الحيوانات الأهلية التي تعتبر كبيرة الجسم نسبياً) تعطى مثلاً 2/10 سم3 من لقاح الجمرة الخبيثة بينما تعطى الأغنام 1/10 سم3 أما لقاح الحمى القلاعية فيعطى منه مثلاً 5 سم3 للكبيرة و3 سم3 فقط للصغيرة.
[16] جدول أنسب الأعمار لبدء برامج التلقيح.
[17] كانت تتضمن الخطة تحصين الأبقار العالية الإدرار أو الحديثة التأقلم ضد الحمى القلاعية قبل تلقيح الأبقار الأخرى بسبب ما عرف عن شدة تأثرها بالحمى القلاعية، واقتصار التأثيرات المرضية عند العروق المحلية على أعراض أخف. والمعروف أن الإصابة القلبية التي تنشأ عن تعقيدات الحمى القلاعية هي أكثر وقوعاً لدى بعض العروق منها لدى العروق المحلية التي قد تصادف لديها أحياناً مثل هذه الإصابة.
[18] نذكر بأن برنامج التلقيح الوقائي هي في الأصل من النظام العام لدى مسؤولي الأجهزة الفنية البيطرية المسؤولة في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي تحديد الوسائل المحققة لأهداهف.
[19] التي تسمى ظاهرة التدخل الفيروسية Viral interference phenomenon .
[20] وتسمى ظاهرة التداخل المتماثل والمتجانس Homogenous interference .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق